الهوية الشخصية

أولاد دراج, المسيلة, Algeria
أستاذ بجامعة محمد بوضياف حاصل على الماجستير في اللسانيات والدراسات المعجمية العربية من المدرسة العليا للإساتذة *ببوزريعة البريد الإلكتروني:sghilous@yahoo.fr

الصفحات

الأربعاء، يوليو 08، 2009

حوسبة اللغات :النظرية الخليلية الحديثة (نحو نمذجة النحو العربي)
1-مفهوم حوسبة اللغات:الهندسة فن التحكم في النظم، والحاسوب بشقيه العتادي والبرمجي يقوم على هذا التحكم.واللغة نظام معقد متشعب المسالك: كتابة وصوتا وصواتة، وصرفا وتركيبا ومعجما ودلالة وتداولا .لقد استطاع الباحثون في لغات غربية كثيرة وضع برامج حاسوبية لسانية طبقت فيه جميع الخوارميات الصورية التي تتعرفها الآلة، وهناك برامج كثيرة تجعل الحوار بين الإنسان الغربي والآلة ميسرا بلغته الطبيعية، نذكر منها: الترجمة الآلية والتوليف الصوتي والتعرف البصري على الحروف والمدقق النحوي والإملائي ...إلخ. إلا أن التطبيق على اللغة العربية ما يزال في بداية الطريق، هذا على الرغم من أن هذه اللغة لا تختلف عن أي لغة في العالم فيما يتعلق ببرنامج الكفاية اللسانية، وما تتميز به اللغة العربية عن غيرها يجب أن يدفع بها إلى مقدمة اللغات العالمي في التعامل مع الآلة، فهي تقوم على مكونين رياضيين هما الجذر والوزن، وهما معا غير موجودين في أغلب لغات العالم.يتولى الجذر وضع البنية الأساسية للكلمة، ويتولى الوزن وضع هيكلها العام، يقوم الوزن بتوزيع الحركات على مختلف حروف الكلمة كما يقوم بتوزيع المورفيمات التي تضاف إلى مكونات الجدر بغرض توليد الكلمات: (سوابق ولواحق وأواسط) هذا التشكيل الرياضي للغة العربية جعل منها لغة انصهارية Fusion، خلافا للغات الأخرى التي تعد لغات إلصاقية Ensemblist فيما يتعلق بتوزيع المورفيمات داخل بنية الكلمة الأساس. والقول بالانصهارية يؤدي حتما إلى القول بالطبيعية الرياضية الجبرية للغة العربية.أما الحركات التي تعادل Voyelles في اللغات اللاتينية فتوزيعها مقنن بواسطة خوارزميات التطابق بين الوزن والكلمة المنتجة، لذلك لا نضعها – نحن العرب - على الكلمات، لكننا نستطيع قراءتها بدون صعوبة، لأننا نقرأ لغتنا ونتكلمها بالأوزان وليس بالحركات، والمقصود هنا بالحركات تلك التي يتولى المحلل الصرفي الطبيعي توزيعها على الحرفين الأول والثاني من الكلمة في حالة الجذر الثلاثي، والحروف الثلاثة الأولى في حالة الجذر الرباعي، أما حركة لام الكلمة فيسند توزيعها للمحلل النحوي الذي يتعامل مع اللغة بوصفها منظومة من الوظائف الصورية التي لها نظامها الخاص بها..هكذا يبدو أن اللغة العربية لغة رياضية في أساسها مكونة من منظومة من الحوارزميات الصورية، دخلها الجذور مرورا بالأوزان التي تتمتع بقوة الإصهار المورفيمي المبرمج وخرجها الكلمات والجمل، وهي كما يلي:- يمثل الجذر دخل البرنامج اللغوي في كفاية المتكلم، في البداية يتم اختيار الجذر المراد تشغيله، (ثلاثي أو رباعي)، ثم تشرع الكفاية في تطبيق خوارزميات المطابقة بين مادة الجذر اللغوي والمادة الصورية (ف.ع.ل)، وفي مرحلة لاحقة يتم تفعيل الوزن/ الميزان عن طريق خوارزميات الإقحام التي تقوم بإدراج الزوائد (سوابق ولواحق وأواسط وحركات) في البنية النظرية للجذر بهدف توليد الكلمة، أما في مرحلة التحليل فإن العملية تكون معكوسة، إذ يتم تطبيق نوع آخر من الخوارزميات تتولى تحليل الكلمة إلى بنيتها الأساسية، أي الجذر. - لكل صيغة صرفية مقابل دلالي مخزن في الكفاية، وهذا المكون الدلالي الصرفي هو الذي يضمن ربط المستوى الصرفي بالمعجم والدلالة، وتؤمن ظاهرة الانصهار التي تنفرد بها اللغة العربية حرية الحركة للكلمات داخل الجملة، أما علاقة الصرف بالمستوى الصواتي فلا تحتاج إلى دليل، وخاصة فيما يتعلق بالأصول المعتلة. ونظرا لارتباط كل صيغة صرفية بدلالة محددة تنتظم على شكل حقول دلالية فقد أخذ الصرف نصيبا وافرا في باب الدلالة.- تتميز الجذور الثلاثية بمرونة واسعة في التحرك داخل البنية اللغوية، خلافا للجذور الرباعية والخماسية.- أما في مجال تركيب الجمل فإننا ننظر إلى الفعل فيها بوصفه دالة Fonction، وأما بقية العناصر فمتغيرات، وذلك كما يلي: P V (n1, n2 … nx)وقد بني المعجم الإلكتروني لتراكيب اللغة العربية على هذا الأساس- ونظرا للطبيعة الجبرية لنظام اللغة العربية المتمثلة في منظومة الخوارزميات اللسانية التي تجمع بين مختلف مكونات النظام، فإن الربط بين هذه المستويات أمر بالغ التعقيد لا يمكن أن تقوم به الآلة إلا إذا تم تزويدها بالقواعد اللسانية الصورية، أي بالخوارزميات اللغوية، بنوعيها التوليد و التحليل..- إذا قارنا هذا العمل بمكونات الآلة نجد بينهما تشابها كبيرا في خطوات العمل وفي طبيعة النتائج التي يتوصل إليها البحث في كلا المجالين، وهي تسير وفق ما يلي:تمثل الخطوة الأولى لغة صورية تتبع تركيبا معينا في بناء الموضوع، وفي الخطوة الثانية يتم ترجمة لغة خوارزميات البرمجة إلى مقدمة لبناء النص باللغة الطبيعية، ثم تأتي في المرحلة الثالثة اللغة الطبيعية التي تعد النتيجة التي يتم من خلالها التأكد من صحة البرنامج من عدمه.وقد اجتهد الباحثون في الهندسة الحاسوبية في وضع نموذج من الكفاية البشرية على الحاسوب بهدف توفير أسباب الحوار بين الإنسان والآلة، إلا أن نصيب اللغة العربية من هذه البحوث قليل ولا يشمل إلا بعض القطاعات الجزئية التي لا تحتاج إلى خبرة لسانية كبيرة، أما البرامج العربية الكبيرة فلا أظن أن البحث قد شرع فيها إلى اليوم، وسنبين أسباب هذا التخلف الذي تعرفه صناعة البرمجيات العربية.إن امتلاك ناصية الحوار بين الإنسان والآلة باللغة العربية يمثل إحدى الأولويات التي يجب أن توضع نصب عين الباحث اللغوي الخبير بطريقة تصميم الخوارزميات اللغوية وفق نظرية لسانية يشتغل في إطارها، إلا أن هذا يتطلب العمل في إطار مرجعية علمية ذات طابع لساني صوري.أما المهندس الحاسوبي فيأتي دوره في المرتبة الثانية، فهو مجرد منفذ للعمليات الحاسوبية اللغوية التي يضعها اللغويومع ذلك لا يمكن لكل منهما أن يشتغل بمعزل عن الآخر، يجب التعاون المستمر في بناء صرح البرامج اللغوية ذات التوجهات المختلفة: علمية وتعليميةومع الأسف الشديد لا توجد لحد الآن لغة برمجة بالحرف العربي، على الرغم من المحاولات التي بذلت في هذا الصدد في بعض مراكز البحوث العالمية2-التعريف بالمدرسة الخليلية الحديثة تضم هذه المدرسة جماعة من الباحثين ، و يعد الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح * من أبرز علمائها المؤسسين ، و قد عكفت هذه المدرسة منذ حوالي أربعين سنة على دعوة اللسانيين و الباحثين العرب إلى قراءة التراث بمنظار علمي بعيد عن التعسف في الاستنطاق ، و الاعتباط في التأويل.و بفضل جهود علمائها و باحثيها عرفت الدارسين بخصائص علوم اللسان العربي ، و مضامينه النوعية انطلاقا من مقولات اللسانيات الحديثة ، فأثبتت الحلقة المفقودة التي تجاهلها الغربيون عندما أرخوا للفكر اللساني البشري ، و التي تتمثل في مستخلصات ثمانية قرون أو تزيد من مخاض التفكير اللغوي عند العرب لا سيما القرون الخمسة الأولى للهجرة ، التي أفرزت نظرية شمولية في الظاهرة اللغوية.و قد جاءت هذه المدرسة بنظرية وسمت بالنظرية الخليلية الحديثة ، و التي يمكن اعتبارها نظرية رياضية في قضايا اللسان العربي ، و سميت بالخليلية نسبة إلى العالم اللغوي الفذ "الخليل بن أحمد الفراهيدي"* ففيها عكس فكره الرياضي المبدع في تأسيس النحو العربي على معطيات رياضية لا تحتمل الخطأ فجاء البحث اللساني الحديث ليؤكد أن ما توصل إليه الخليل يأخذ المنحى العلمي في الحوسبة اللغوية بكافة فروعها .و قد عمل زعيم المدرسة الخليلية الحديثة- الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح –على تطوير نظريات كل من الخليل و سيبويه و ابن جني بناءا على ما استجد من نظريات لسانية حديثة و ما أنتج في مجال الإعلام الآلي ، حيث طبق مواصفاتها على الحوسبة اللغوية التي تفرضها أنماط التعامل مع الأجهزة الحديثة ، و قد كان نتيجة ذلك أن أسفرت الدراسات التي قام بها الحاج صالح عن أسس النظرية الخليلية الحديثة مما جعلها تنفرد عن غيرها من النظريات من حيث الوجهة و المبدأ ، و هذا ما يتضح جليا من خلال المفاهيم التي بنيت عليها هذه النظرية و التي سأعمل على ذكر أهمها فيما يلي-المفاهيم الأساسية للنظرية الخليلية: -1- مفهوم الاستقامة:يميز "سيبويه" في الكتاب بين السلامة الراجعة إلى اللفظ، و السلامة الخاصة بالمعنى، كما يميز أيضا بين السلامة التي يقتضيها القياس (أي النظام العام الذي يميز لغة من لغة أخرى) و السلامة التي يفرضها الاستعمال الحقيقي للناطقين، و ذلك قوله في باب "الاستقامة من الكلام و الإحالة": "فمنه مستقيم حسن، و محال، و مستقيم كذب، و مستقيم قبيح، و ما هو محال كذب، فأما المستقيم الحسن فقولك: أتيتك أمس، و سآتيك غدا، و أما المحال فأن تنقض أول كلامك بآخره فتقول، أتيتك غدا و سآتيك أمس. و أما المستقيم الكذب فقولك: حملت الجبل، و شربت ماء البحر و نحوه، و أما المستقيم القبيح فأن تضع اللفظ في غير موضعه نحو قولك: قد زيدا رأيت، و كي زيد يأتيك و أشباه هذا. و أما المحال الكذب فأن تقول: سوف أشرب ماء البحر أمس" .فواضح من هذا الكلام أن سيبويه يحدد مفهوم السلامة و علاقتها باللفظ و المعنى من ناحية، و القياس و الاستعمال من ناحية أخرى. فهناك المستقيم الحسن، و المستقيم القبيح، و المستقيم المحال، و يمكن صياغة هذه المعاني بشكل آخر أكثر وضوحا:- فالمستقيم الحسن = السليم في القياس و الاستعمال جميعا.- و المستقيم القبيح = السليم في القياس و غير السليم في الاستعمال.- و أما المستقيم المحال = سليم في القياس و الاستعمال، غير سليم من حيث المعنى. و من ثم جاء التمييز المطلق بين اللفظ و المعنى، و معنى ذلك أن اللفظ إذا حدد أو فسر باللجوء إلى عبارات تخص المعنى فالتحليل هو تحليل معنوي، أما إذا حصل التحديد و التفسير على اللفظ دون أي اعتبار للمعنى فهو تحليل نحوي، و الخلط بينهما - كما يقول الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح- يعتبر خطأ أو تقصيرا " و قد بنى على ذلك النحاة أن اللفظ هو الأول، لأن هو المتبادر إلى الذهن أولا ثم يفهم منه المعنى، و يترتب على ذلك أن الإنطلاق في التحليل يجب أن يكون من اللفظ في أبسط أحواله و هو الانفراد" -2- مفهوم الإنفراد:ينطلق النحاة الأوائل في تحليلهم للغة من "الاسم المفرد" باعتباره النواة أو الأصل الذي تفرع عنه أشياء أخرى. و قد أطلق "الخليل" على هذا المفهوم مصطلح "الاسم المظهر (≠ المضمر)"، كما أطلق عليه "ابن يعيش" و "الرضي الاسترباذي" مصطلح اللفظة و اللفظة في اللسانيات الخليلية عمادها الوقف و الابتداء، فهي أقل ما ينطق به مما ينفصل فيسكت عنده و لا يلحق به شيء. أو يبتدئ فلا يسبقه شيء. فما ينفرد و ينطلق، أو ما ينفصل و يبتدئ هو صفة الانفراد. و مما تجدر الإشارة إليه، أن كل وحدة لغوية قابلة للانفصال عما فبلها أو ما بعدها من الوحدات، بمعنى أن كل وحدة لغوية يمكن الابتداء بها و الوقوف عليها حسب موقعها في الكلام. فمن الألفاظ ما ينفصل و يبتدئ مثل: "الرئيس" في نحو قولنا: "جاء الرئيس" و "الرئيس جاء". و منها ما ينفصل و لا يبتدئ مثل ضمير "تاء الفاعل" و "نا المضاف إليه في نحو قولنا: خرجت" و "كتابنا". و منها ما يبتدئ و ينفصل مثل حرف الجر في نحو قولنا: "في التأني السلامة". و يحمل النحاة "اللفظة" على غيرها من المثل و النماذج فتفرع إلى لفظات في نظائر للنواة، و لكنها أوسع منها، من خلال تعاقب زيادات قبلية و بعدية عليها دون أن تفقد وحدتها أو تتفرد فيها أجزاؤها، فلا تخرج عن كونها لفظة (أي قطعة واحدة). و سمى النحاة هذه القابلية للزيادة يمينا و يسارا " التمكن" و لاحظوا أن لهذا التمكن درجات تترتب كالآتي :أ- المتمكن الأمكن، الذي يحمل معناه بداخله و لا يحتاج إلى غيره، و يتمثل في اسم الجنس المنصرف كرجل و فرس و شجرة.ب- المتمكن غير الأمكن، و يتمثل في الممنوع من الصرف. ج- غير المتمكن و لا أمكن، و يتمثل في الاسم المبني.يتبين لنا من خلال التحديد الإجرائي السابق للاسم ما يلي :أ‌- أن التحويل بالزيادة و التعاقب هو الذي يحدد الوحدات في النظرية الخليلية.ب‌- أن كل الوحدات المحمولة بعضها على بعض بعمليات التحويل هي نظائر للنواة من حيث أنها وحدات تنفرد أولا و متفرعة عنها بالزيادة ثانيا.ت‌- أن الوحدات المحمولة بعضها على بعض تكون مجموعة ذات بنية تسمى في الاصطلاح الرياضي بالزمرة (structure de groupe).و هنا نشير إلى أن العلاج الآلي للنصوص يستلزم مثل هذه الصياغات الرياضية التي تكون على شكل خوارزمات (algorithmes) .-3- مفهوم المثال:يذكر صالح بلعيد أن أستاذه عبد الرحمن الحاج صالح قد ترجم مصطلح "المثال" بمصطلح "schème générateur"، و أنه يعتبر مفهوم اعتباري منطقي رياضي، ذلك لأنه يعد حدا إجرائيا تتحدد به العناصر اللغوية، حيث ترسم فيه جميع العمليات التي بها يتولد العنصر اللغوي في واقع الخطاب . و المقصود بالمثال هو وزن الكلمة و هو مكون من عمليتين هما: العملية الأولى: تهتم بالحروف الأصلية للكلمة.العملية الثانية: تهتم بالتغيرات أو الإجراءات التحويلية التي تتعرض لها الكلمة من خلال دخول الزوائد عليها أو عدم دخولها (أو ما يعرف بالعلامة العدمية في اللسانيات الحديثة) مما يؤدي تغير في الأوزان. -4- مفهوم القياس:يعرف القياس من قبل النحاة على أنه "حمل غير منقول على المنقول إذا كان معناه". و القياس معظم أدلة النحو، و التعويل عليه يكون في أغلب المسائل النحوية إذ لا يتحقق إنكاره لأنه أغلب النحو، و إنكاره إنكار النحو. تقول منى إلياس: "و عماد المنهج النحوي عند الخليل و صاحبه بعد تصنيف الكلم إلى زمر فكرتان هما عمودا القياس الذي يكاد يكون لباب منهجهما، و هما فكرة العامل و فكرة الأصول و الفروع تستتبعه من تعليل. و هذا هو قوام القياس" . و هكذا فإن القياس يحتل مكانة هامة في النحو العربي، إذ "هو حمل شيء على شيء لجامع بينهما، و حمل شيء في الحكم، و هذا الحكم هو الذي يسمى في المنطق الرياضي تطبيق النظير على النظير bijection و تطبيق مجموعة على مجوعة حتى يظهر تطابق في البنية بين مجموعتين على الأقل". -5- مفهوم الأصل و الفرع:بني النحو العربي في أصله على مفهوم الأصل و الفرع. فلأصل عند النحاة العرب هو العنصر الثابت أو النواة، أما الفرع فهو الأصل بزيادة إيجابية أو سلبية. و الأصل كذلك عند العرب - حسب عبد الرحمن الحاج صالح- هو "ما يبنى عليه و لم يبن على غيره"، و الفرع هو الأصل مع زيادة أي مع شيء من التحويل. فالانتقال من الأصل إلى الفروع هو تحويل يخضع لنظام من القواعد و لا بد من التنبيه أن التفريغ له مقابل و هي الحركة العكسية للتفريع و هو عند النحاة "رد شيء على أصله" . فمسألة الأصل و الفرع التي تعد عماد القياس مسألة اهتم بها النحاة و أبرزهم الخليل، تقول منى إلياس: "و الخليل في هذا كله كأنما لمح ببصيرته أن مختلف ظواهر اللغة تنتظمها خطوط خفية و هذه الخطوط الكبرى التي تتشعب عنها الخطوط التي دونها هي التي جعلها أصولا و جعل الباقي فروعا.... و كثير من الأمور التي أخذ فيها الخليل بهذا المبدأ جاءت مطابقة لما ثبت في الدراسات النفسية للغة، التي قامت على أصول تجريبية. فتبين أن الأسماء أقوى تمكنا في النفس و الفعل، و من ثم كانت أثبت في الحفظ من الأفعال، و هذا ما عناه الخليل بقوله إنها هي الأول". و مفهوم الأصل و الفرع خاصية يتميز بها النحو العربي عن باقي العلوم الغربية ما عدا النظرية التوليدية و التحويلية لتشومسكي، إلا أن التحويل في هذه النظرية يقتصر على نوع واحد، و هو التحويل الذي يربط بين البنية السطحية و البنية العميقة للجملة. و يقابله في النظرية العربية ما يسمى بالتحويل التقديري. و يرى عبد الرحمن الحاج صالح بأن "مجموع العمليات التحويلية التي تؤدي إلى نتيجة معينة تكون دائما ما يسمى عند الرياضيين المحدثين بالزمرة (groupe)".

ليست هناك تعليقات: