الهوية الشخصية

أولاد دراج, المسيلة, Algeria
أستاذ بجامعة محمد بوضياف حاصل على الماجستير في اللسانيات والدراسات المعجمية العربية من المدرسة العليا للإساتذة *ببوزريعة البريد الإلكتروني:sghilous@yahoo.fr

الصفحات

الأحد، أبريل 19، 2009

حوار الداخل د ، جمال حضري

حوار الداخل، نموذج التجاذب التراثي حول النص القرآني
مقولة الإعجاز نموذجا

٭د جمال حضري

كانت لي مناسبة سابقة لإثارة الحديث حول "حوار الحضارات"1ومما أبرزته خلالها المفارقة الواضحة لحال "الأنا" في مقابل "الآخر"، مفارقة تعكس خللا في التوازن كان من نتائجه ضرورة توجه حهد الخوار نحو الداخل أولا باعتباره شرطا أوليا وضروريا لحوار حقيقي نحو الخارج.ولا داعي في هذه المناسبة لإثارة ما كنت أثرته في المناسبة من مشاهد التمزق الداخلي، ثم عدم جدوى التوجه نحو الخارج في ظل عدم وجود تقليد حواري بين مكوني الساحة الفكرية والسياسية المحلية، في هذه الفرصة أريد العودة إلى الماضي، ليس من أجل التغني ولكن لطرح مشاهد نموذجية لقضية تشكل اليوم هاجسا لكل مفكر ومراقب لساحة التدافع الفكري والتجاذب الفلسفي. هاجس يطرح ذاته كممر مصيري نحو تشكيل طرف جدير بالحوار مع الآخر، هو "النص الموحى" وتوليد قيم المواطنة و"المُعَالمَة" إذا قبل هذا المصطلح من قبل المنظرين لمصطلحات التعايش الدولي.
والقيمة النفعية لمثل تلك المقاربات هي تشكيل فضاءات عقائدية وفكرية استطاعت أن تستوعب كل شرائح المجتمع والارتفاع - في غالب تلك الفترة التاريخية- بالنقاش من هراش الحراب إلى تلاسن العقول والأفئدة.
ولا داعي للإشارة إلأى أننا اليوم استطعنا بكفاءة غير محمودة لفّ جميع المواضيع الحرجة في طيات التجاهل والتأجيل. حتى تفجرت بين أيدينا فكانت حمامات الدم التي أدهشت القريب قبل البعيد.
نموذج الحوار الداخلي التراثي هو مقولة " الإعجاز" المتعلقة بالنص القرآني، والتي تبدو اليوم قضية منتهية، خاصة وهي محفوظة بين أيدينا في مجلدات صقيلة بعناوين جذابة تمجيدية تطفئ وهجها وتسكت صوتها الذي طالما أثار حلقا من النقاش المثير والمدارسات الحارة.
تبدو القضية منتهية بالنسبة لمتلق هو اليوم متعبد بمجمل النصوص التراثية، انطلاقا من أفق يعتبر السابق مقدسا ولو بتراتبية باهتة.
في هذا العرض طرح يحاول إعادة الحرارة لموضوع يستحق أن يلهب موائد الحوار ومدارات الدراسة لتشكيل أفق فكري يجعلنا جاهزين لحوار الآخر. بل إن مثل هذه القضية مفروض على عقولنا خاصة وأننا- محكومين بجريرة قوم منا- مطالبون بمراجعة منظوماتنا الفكرية والتربوية والتشريعية التي عشنا بين ثناياها والتي يراها الآخر اليم غير مؤهِّلة لنا لاقتسام الماء والهواء معه.
عناصر الموضوع:
أ‌- كلام الله: الأصوات والمعنى النفسي
ب‌-الإعجاز
ت‌-النص، الظاهر والباطن والتأويل
٭ أستاذ الأدب العربي
جامعة المسيلة
تمهيد:
لا تبدو طبيعة نشأة الدراسات القرآنية مخالفة للمسار المعرفي عامة، وقد تبدو أكثر واقعية بالنظر إلى السياق التاريخي بشقيه السياسي والاجتماعي الذي واكب تلك النشأة.
نزل القرآن الكريم على العرب وهم أنضج ما يكونون بيانا ولسانا، يحمل الهداية الدينية ويحوطها بالتحدي. رسالة وحّدت لأول مرة في تاريخ الرسالات بين الدليل والمعجزة2. وأيا ما كانت المواقف الفردية القليلة فقد بدا التسليم له شاملا، بالتفوق والسبق والإعجاز. وربما كان الاعتراض على شخص الرسول أشد بروزا منه على الرسالة أو على الإرسال ذاته3.
هذا الواقع لا يمكن أن يحجب وجود ما يستدعي في النص القرآني التساؤل عن الدلالة والمغزى، وهذا رجل من أقرب صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يتساءل عن بعض ألفاظه، ولا يرده عن الإلحاح في التقصي، إلا الجو العملي الذي طبع تلك المرحلة، حيث السؤال الذي يعقبه أو ينوى به العمل هو من قبيل التمحل أو التكلف.
ودون إرادة القفز على مراحل "تشكل النص"4 في تلك الفترة الممتدة ثلاثة وعشرين عاما ووقائع الجمع التي خضع لها النص، والتي مرت في هدوء يعكس همّ البناء والتأسيس التي شغلت ذلك الجيل عن كل ما عداه، فإن البداية الفعلية لمحورية حضور النص في خضم التجاذب السياسي خاصة لم تكن إلا في نهاية فترة الخلفاء الراشدين، أي خلافة الإمام علي رضي الله عنه.
في تلك المرحلة وصلت إلى سمع الناس مقولتان يمكن اعتبارهما إرهاصا لما سيتعرض له النص القرآني من عكوف دراسي واعتصار مفهومي مذهبي وهما: التحكيم والمحاجة بالكتاب، حيث قالت الخوارج:"لا حكم إلا لله، ولا يحكّم رأي الرجال في كلام الله، وقال الإمام علي لابن عباس وكان ينافح عنه فكريا ضد هذه الهجمة: لا تحاججهم بالقرآن فإنه حمال أوجه"5. وابن عباس ذاته هو الذي سيكون بعد وقت ما على رأس من يقول في تفسير آية التأويل:"وما يعلم تاويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا "7، أنا من أولئك الراسخين"8 ويقول "لا توجد في كتاب الله آية إلا وأنا أعلم متى أنزلت وفيم أنزلت"9 وفوق ذلك فقد تناول بالفعل الكثير من الآيات بالتأويل وهي الآيات التي يؤدي ظاهرها إلى التشبيه10.
وغير بعيد عن ابن عباس، تطورت الحركة السياسية للخوارج إلى مواقف مذهبية اتكأت على النص ونحتت منه ما يرسخ موقفها المقاوم للظلمة من الحكام، والذي يبرره مذهب الاختيار والحرية الإنسانية، التي يقابلها بنو أمية بتشجيع اتجاه مقابل أطلق عليه في التأريخ للمذاهب "المرجئة" و"الجبرية" على تفصيل يضيق عنه المقام، والمدرسة الأضخم التي تتشكل في هذه الظروف هي آراء مدرسة البصرة الفكرية في حلقة الحسن البصري، الذي كان مناوئا للأمويين مشايعا لبيت علي، ومن محيط الحسن البصري نشأ اتجاه واصل بن عطاء الذي اعتزله وأسس لنفسه توجها سيعرف فيما بعد بالاعتزال حتى يحفظ للتاريخ خروجه الفكري عن أستاذه الحسن بما يعكس التجاذب الفكري المتحضر في ذلك الزمن الحي.
ولما كانت الأفكار والسياسة في لعبة احتواء مستمرة، يحصل أن تتبنى السلطة توجها من التوجهات، أو ينتصر توجه منها بسلطة من السلط فتكون فكرة في التمكين وأخرى في الدفاع، وهو ما حصل بالفعل حين انتظم تيار سني قوي يعارض الاعتزال وهو تيار الأشعرية، وأبعد من هؤلاء أكثر نشأ تيار أشد نصية قد يمثله الإمام أحمد أو داوود الظاهري وابن حزم ومن المتأخرين ابن القيم وأستاذه ابن تيمية.
هذا المسح التاريخي الخاطف هدفه التوطئة للإشارة إلى أهم مقولات الفرق في أكثر ما يهم البحث من مفاهيم خصوصا: كلام الله، والمجاز والتأويل والإعجاز ومنط المزية فيه.
الحراك الاجتماعي المواكب للسياسي كان له أثر لا يقل خطورة، ذلك أن الفتوح المتسارعة أكسبت أقاليم واسعة وشعوبا مختلفة التقاليد والعادات واللغات. وليس غريبا أن تكون حواضر العراق والشام مراكز جذب لنخب هذه التجمعات الوافدة على الدين الجديد، مع ما يترتب على ذلك من تدافع في الطبائع وطرق التفكير ومستويات الالتزام الديني والولاء السياسي.
في ظل هذه المستجدات تنمو التساؤلات التي ما كانت لتظهر في مراحل البناء، ويجد العلماء أنفسهم في مواجهة قوادح دراسية جديدة لعل أخطرما فيها هو زعزعة ما استقر من تعامل تقديسي مع النصوص والمأثورات.
وإذا تم إجمال أهم الإشكالات التي طرحت وكانت الباعث على تشكل التوجهات المذهبية فهي: الطعن في مفهوم انسجام النص القرآني وهو إشكال لم يقف عند حد الخلاف الفكري المتعلق بالنص فقط ولكنه يتعداه إلى زعزعة صلاحية النص دلالة على الإعجاز أي باعتباره معجزة، وحقيقة التحدي الواقع به وحقيقة المتحدى به إليهم، وكذا حقيقة عجزهم وطبيعته.
هذا التساؤل المحوري تفرعت عنه مئات الإشكالات وطرحت إزاءه اجتهادات لا حصر لها، لعل عناصر هذا الموضوع تجمع شتات أهمها.
أ‌- كلام الله: الأصوات والمعنى النفسي:
المطاعن التي وجهت إلى النص القرآني، وتركزت أساسا على وجود التفاوت والاختلاف، فرضت على الدارسين الأوائل مناهج إجرائية تمثلت أساسا في ردّ ما أشكل إلى كلام العرب وأشعارهم، والوسيلة الأساسية في ذلك مفهوم المجاز باعتباره الإجراء الذي يعيد الانسجام إلى ما يبدو من نتوءات لغوية أو معنوية في النص. ولكن المجاز لم يسلّم به الجميع، فهو ينطوي على صفة نقص يجب أن يتنزه عنها الله تعالى. وفي الحالة الثانية كيف يخاطب الشارع المكلفين بما يستغلق عليهم فهمه؟ وهي تساؤلات تفضي مباشرة إلى تناول مسائل العقيدة الأساسية وهي: معرفة الذات والصفات وما هي صفات الذات وصفات الفعل وأين يندرج الكلام، ثم هل الكلام الإلاهي قديم لارتباطه بالذات العلية أم محدث لارتباطه بإيجاد العالم ؟ وفي الحالتين كيف الوصول إلى معنى كلام الله أو قصده؟ هل اللغة دلالة مشروعة وأولية أم هي تابعة وثانوية؟
والآراء الأساسية في هذه المجالات تعود للمعتزلة والأشاعرة أساسا، مع إيراد آراء الظاهرية، وهذا الفرز قد لا يساير الواقع بحال، ففي الاتجاه الواحد قد تتعدد الآراء، وبين الاتجاهات ذاتها قد يتقارب الأقطاب بعضهم من بعض حتى يبرز موقف واحد لاتجاهين في قضية من القضايا.
1- المعتزلة:
ينطلق المعتزلة من اعتبار أساسي هو مخالفة القديم للمحدث، وينسحب هذا الاعتقاد التنزيهي على كل ما ينسب لذات لله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله.
وهو مبدأ في التوحيد يرسخ المفهوم القرآني عن الله، وهو مفهوم يؤكد الهوة الواسعة بين الله والإنسان، وان استخدم تعبيرات وصفات لها طابعها الإنساني بحكم طبيعة اللغة الإنسانية11. يترتب على هذا المبدأ التفرقة الحاسمة بين صفات الذات الإلاهية وصفات الأفعال. صفات الذات قديمة ليس لها تعلق إلا بالذات، فهو عليم وقادر وحي ومريد، أما صفات الأفعال فمتعلقة بإيجاد العالم وإحداثه، فلا تتصف بالقدم كما تتصف صفات الذات.
هذا الفصل له أثر جوهري في تحديد مفهوم الكلام بكونه:"ما حصل فيه نظام مخصوص من هذه الحروف المعقولة، حصل في حرف أو حرفين ..وإن كان من جهة التعارف لا يوصف بذلك حتى يقع ممن يفيد أو يصح أن يفيد "12 وهو تحديد يربطه بوضوح بالدلالة الصوتية. والباعث على ذلك هو اعتبار الكلام من صفات الفعل المتعلقة بإيجاد العالم، ولذلك اعتبروا كلامه محدثا والقرآن مخلوقا وهذا لتنزيه الخالق ونفي صفة القدم أن تكون خارج الذات حتى لا يكون إيهان بالتعدد. وهذا التحديد قد يبدو مفتقرا إلى المعنى وهو محض وهم، لأن المعتزلة لا ينكرون المعنى ولكنهم يتفادون اعتبار المعنى النفسي كلاما كما ذهبت إليه الأشاعرة، ولو فعلوا لكان الكلاك من صفات الذات وكان قديما، ولذلك يؤكدون أن المتكلم يرتب في نفسه المعنى وليس الكلام، وإلا لكان تناقضا تسمية النطق كلاما "فهم يفرقون بين الكلام النفسي والعبارة عنه، لأنه لا نسبة بينهما فلا يصح أن يقال في العبارة أنها تدل عليه .. ذلك أنهم لو اعتبروا الكلام معاني نفسية قائمة في النفس لكانت من صفات الذات، والكلام عندهم من صفات الفعل وهم لا يثبتون لله صفة مغايرة لذاته كما يفعل الأشاعرة"13 ولهذا أطلقوا على المعنى مفهوم "القصد" الذي يتوصل إليه بأدلة "الدواعي والاختيار" والقائمة على مبدأ قياس الغائب على الشاهد. مما سبق يتفرع أمران هاماّن هما بيان ثنائية الإسم والمسمى وأدلة المعرفة، فالعلاقة بين الاسم والمسمى عند المعتزلة علاقة انفصال حتى يتم تنزيه ذات الله تعالى عن التعدد، ومن هذا تفريقهم بين المعنى النفسي والكلام واعتبار الأسماء والصفات إشارات هي في حالنا أقوال نطلقها14: عالم، قدير ... أما أدلة المعرفة فهي ثلاثة بما يعكس المسار التصاعدي للاستدلال المعرفي:
- أدلة تدل بالصحة والوجوب وتعرف بها صفات توحيد الله تعالى
- أدلة الدواعي والاختيار وتعرف بها صفات عدل الله واختياره للحسن وتركه للقبيح وما يليق به.
- أدلة تدل بالقصد والمواضعة وتعرف بها الشرائع والنبوات.
وأهمية هذه الأدلة وترتيبها ترجع إلى مكانة العقل باعتباره وسيلة المعرفة الأساسية عندهم. بل هو مناط التكليف القائم أصلا على التوحيد، ويأتي الدليل الشرعي السمعي في المرتبة الثالثة مشروطا بمعرفة القصدوالمواضعة على اللغة، مما يعني وجود القصد أو المعنى خارج اللغة15. هذا الترتيب للغة وربطها بالقصد يستدعي ضرورة أن تكون مواضعة سابقة على كلام الله تعالى حتى يقع مفيدا، فلا يحسن أن يقع العبث منه تعالى. وهي مواضعة بين البشر أو الملائكة، نزل بها خطاب الله تعالى، ولا مانع بعد ذلك أن تكون مواضعة ثانية مستأنفة.وإذا كانت المواضعة محسومة، فإن المعتزلة أضافوا إليها خيار الاصطلاح من منطلق تنزيهي دائما، لأن المواضعة من الله تعالى تستدعي الإشارة الحسية ومع أن هذا لا يجوز في حق الله تعالى، "فقد جوزنا من القديم تعالى تعليمه لغة (لآدم) بعد تقدم المواضعة على لغة، ولم نجوز أن يبتدئ بالمواضعة لاستحالة المواضعة عليه سبحانه"16، فإن للمسألة جانبا آخر أهم له مكانته في المنظومة الفكرية الاعتزالية وهي التفرقة بين العلم الضروري والعلم الكسبي، لأن الإسم إذا نطق مقترنا بالإشارة الحسية: فتعلمه يكون بمجرد إدراكه مما يعني دخوله في العلم الضروري غير الاستدلالي، والقصد علم كسبي يعلم بالعقل والاستدلال لأن معرفة القصد تكليف، كما إن الإشارة الحسية علم بالذات ضروري وهو محال، "فمعرفة الله وقصده كلاهما معرفة نظرية كسبية استدلالية وهذا ما يتنافى وأن يبدأ الله الملائكة أو البشر مواضعة على لغة، لأن شرط المواضعة الإشارة الحسية التي تؤدي إلى معرفة قصد المتكلم باضطرار وهو قول يهدم مبدأ التكليف العقلي زيادة على تشبيه الله بالمحدثين."17.
2- الأشاعرة:
الكلام عندهم ليس أصواتا ، لأن الأصوات أعراض لا يتصور وجودها في الباري تعالى ولذلك قالوا:"الكلام الحقيقي هو المعنى الموجود في النفس لكن جعل له أمارات تدل عليه، فتارة تكون قولا بلسان على حكم أهل ذلك اللسان وما اصطلحوا عليه وجرى به وجعل لغة لهم "18 وهو تعريف يفرق بين المعنى النفسي ويعتبره كلاما قائما بالنفس، وبين الأصوات باعتبارهاإشارات مثل الرمز والخط وغيرها مما يفيد قدم الكلام الإلاهي ومعارضة حاسمة للقول بخلق القرآن، لأن الله تعالى لم يزل متكلما بكلام منذ القدم، والكلام صفة للذات ولا تفريق عندهم للصفات، كما إن الصفات هي الموصوف وهوموصوف واحد والأسماء مجازات تطلق عليه19. لا يخفى الهدف التنزيهي عند الأشاعرة مع أن الموقف مختلف، فالقول بأن كلام الله محدث هو نسبة النقص إلى الله تعالى قبل كلامه(الخرص) ويردّ الأشعري بسلاح معتزلي:"ومما يدل من القياس على أن الله لم يزل متكلما أنه لو كان لم يزل غيرمتكلم وهو ممن لا يستحيل عليه الكلام لكان موصوفا بضد من أضداد الكلام من السكوت والآفة. ولو كان لم يزل موصوفا بضد الكلام لكان ضد الكلام قديما، ولو كان ضد الكلام قديما لاستحال أن يعدم وأن يتكلم الباري لأن القديم لا يجوز عدمه كما لا يجوز حدوثه، فكان يجب أن لا يكون الباري تعالى قائلا ولا آمرا ولا ناهيا على وجه من الوجوه، وهذا فاسد عندنا وعندهم وإذا فسد هذا صحّ أن الباري لم يزل متكلما قائلا "20 والقول بأزلية الكلام الإلاهي يفضي إلى نتائجه الطبيعية وأهمها القول بتوقيفية اللغة تناسقا مع المسار التنازلي للمعرفة، والنقل مقدم على العقل في الاستدلال المعرفي، وهذا لا يلغي العقل ولكن يحدد له وظيفة تابعة هي الاستدلال على صحة الشرع والنبوة في إطار اجتهادي استنباطي لفهم الشريعة21، يقول الأشعري "لا مدخل للعقل والقياس في إيجاب معرفته وتسميته وإنما يعلم ذلك بفضله من جهته"22. ومع إنهم يقولون بالمواضعة أيضا لكنهم لم يشترطوا معرفة القصد الذي يقع خارج اللغة ووسيلته العقل، لأن المعنى عندهم لا يعرف إلا بدلالةالكلام ولذلك وحدوا بين مفهوم الكلام والمعاني النفسية واعتبروا المعنى النفسي كلاما تمّ ترتيبه بالنفس وهوقائم بها، والأصوات أمارات عليه وأدلة، والبحث عن المعنى إذا يكون في الكلام لأنه ليس منفصلا عنه بينما هو منفصل عند المعتزلة يفهم قبل مباشرة الكلام23.

ب- الإعجاز:
إذا استقر التحديدان الأساسيان للكلام على ما تم بيانه، فأين يكمن الإعجازالذي تحدى الله به الناس؟ أفي كلامه القديم أم المحدث؟ أفي المعنى النفسي أم في الأصوات أم فيهما معا؟ أم خارجهما؟
• الإعجاز صرف دواعي التحدي لدى المتلقي:
وأوّل من قال به إبراهيم بن سيار النظام، الذي جعل الإعجاز متعلقا بالخالق سبحانه، وبصفة التوحيد تحديدا لا صفة الفعل كما هو عند المعتزلة. فالعرب عجزوا عن الإتيان بمثل القرآن لصارف صرفهم عن ذلك وليس لعامل في ذات النص القرآني. ولربما أحسّ النظّام بضعف هذا الرأي فأضاف إليه الإعجاز في المعنى والمضمون من خلال ما تضمنه النص القرآني من أخبار سابقة وأخرى لاحقة. وتبعه في القول بالصرفة آخرون مثل الجاحظ والرماني والخطابي، ولكنها لم تبلغ حدة ما قال به النظّام من إن العرب لو تركوا دون صارف لكان في مقدورهم الإتيان بمثله. يقول ابن الخياط:"وكان يزعم أن نظم القرآن وتأليفه ليسا حجة للنبي -ص- وإن الخلق يقدرون على مثله " وعقّب قائلا:"إعلم علّمك الله الخير، إن القرآن حجة للنبي -ص- على نبوته عند إبراهيم من غير وجه، فأحدها ما فيه من الإخبار عن الغيوب ..مثل إخباره بما في نفوس قوم وبما سيقولونه وهذا ما أشبهه في القرآن كثير .. فالقرآن عند إبراهيم حجة على نبوة النبي -ص- "24 وقال الأشعري:" وقال النظّام: الآية والأعجوبة في القرآن ما فيه من الإخبار عن الغيوب، فأما التأليف والنظم فقد كان يجوز أن يقدر عليه العباد، لولا أن الله منعهم بمنع وعجز أحدثهما فيهم "25، وللزرقاني رأي يردّ نسبة القول إلى النظّام كلية فيقول في المناهل: "إني لأعجب من القول بالصرفة في ذاته، ثم ليشتد عجبي وأسفي حين ينسب إلى إلى ثلاثة من علماء المسلمين نرجوهم للدفاع عن القرآن ونربأ بأمثالهم أن يتيروا هذه الشبهات في إعجاز القرآن، على أني أشك كثيرا في نسبة هذه الآراء السقيمة إلى أعلام من العلماء "27.
هذا الموقف السلبي للمتلقي لم يقل به النظام وحده باعتباره معتزليا بل قال به غير واحد من الأشاعرة والشيعة أيضاوقد استدعى المقام الإشارة إليه لأنه شكل منظورا جديرا بالاعتبار لأنه يفرد للمتلقي حالة متميزة تجعل حركته العادية المقدور عليها والمسلوبة الانفعال وجها إعجازيا.
• إعجاز مضمون الرسالة:
وهو وجه إعجازي آخر عند كثير من الدارسين للقرآن الكريم، ويتعلق مثل سابقه بالعلاقة الثلاثية للتواصل: مرسل- رسالة- متلقي، وإن كان منظور المرسل بارزا في الوجه السابق باعتبار أن صفة القدرة في الذات الإلاهية سلبت قدرة المتلقين على التحدي، فإن صفة العلم في الذات الإلاهية أعجزت المتلقين عن التحدي، ومناط التحدي الذي كان في ذوات المتلقين فهو في هذا الوجه في النص القرىني من جهة مضمونه الإخباري المتعلق بماضي الزمن وقابله. واعتبر هذا الجانبَ الإعجازيَّ كثيرون أولهم النظام الذي يعد أول من فصل بين شكل القرآن ومضمونه حيث اعتبر النظم غير معجز وعدّ الإخبار عن الغيب مزية28 . ثم قال بالرأي ذاته الرماني والخطابي والباقلاني وابن حزم ولكنهم تحفظوا من اعتباره المقصود بالاعجاز والتحدي لأن التحدي شمل القرآن كله والأخبار لا تأتي إلا في بعضه29.يقول الخطابي: "ولا يشك في أن هذا –يعني الإخبار عن الغيب- وما أشبهه من أخباره نوع من أنواع إعجازه، ولكنه ليس بالأمر العام الموجود في كل سورة من القرآن، وقد جعل سبحانه في صفة كل سورة أن تكون معجزة بنفسها، لا يقدر أحد من الخلق أن يأتي بمثلها، فقال: "فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم إن كنتم صادقين" من غير تعيين فدلّ على أن المعنى فيه غير ما ذهبواإليه"30.
• الإعجاز اللغوي والبلاغي:
لعل هذا الوجه يضع البحث في صميم التقاطع الكلامي اللغوي، بما ينطوي عليه من آراء الدارسين في ملامح التميز اللغوي القرآني إلى حد الإعجاز والتحدي. ولئن أصبح الفرز المذهبي منذ تناول وجوه الإعجاز صعبا لتداخل الآراء بين الدارسين، فإن المنظور اللغوي والبلاغي يعيد شيئا من التمايز الكلامي لوجهات النظر، ولذلك تدرج الآراء في شقين: الأول يضم أهم الآراء الاعتزالية والثاني أهمها من منظور أشعري. في البدء نشير إلى ما برر هذا التصنيف، إذ باعتبار الكلام الإلاهي أصواتا هي صفة للفغل، أمكن للمعنزلة القول بالصرفة بداية، والضم المخصوص في قمة النضج الاجتهادي عند القاضي عبد الجبار الأسد أبادي، وباعتبار الكلام الإلاهي معاني نفسية أمكن للأشاعرة ربط الإعجاز اللغوي والبلاغي بسرذ لا يمكن إدراكه إلا لمن وهبه الله إياه كما يقول الباقلاني أو للفكر والروية في كشف روائع النظم كما أحكم تقعيده عبد القاهر الجرجاني.
يرى الجاحظ أن مدار البلاغة على البيان والإفهام جاعلا وظيفة التواصل ونجاعتها معيارا للبليغ، ووحد بين وسائل البيان من لغة وإشارة وخط وعقد ونصبة، متبعا في ذلك بشربن المعتمر الذي ركز في رسالته على شرط الوضوح في التواصل عامة، ولعل الغاية المعرفية والمقام الخطابي يكمنان وراء هذا المنحى الجاحظي تجاه بلاغة الفهم والإفهام، والتي تتولد عتها مقاييس تداولية غاية في الأهمية، غير أن أبا الحسن الرماني يعطيهل بعدها الخصوصي، فليس كل من أبلغ مراده بليغا، فقد يستوي في ذلك بليغ وعيي، وإنما البلاغة"هي إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ"31.فجمع بين الوظيفة والشكل والتلقي، والدافع الإعجازي واضح عنده خاصة وهويعدد طبقات البلاغة نحو موقعة إعجاز القرآن البلاغي فيها فجعلها ثلاث طبقات: "منها ما هو أعلى طبقة ومنها ما هو أدنى طبقة ومنها ما هو في الوسائط بين أعلى طبقة وأدنى طبقة، فما كان في أعلاها طبقة فهو معجز وهو بلاغة القرآن، وما كان منها دون ذلك فهو ممكن كبلاغة البلغاء من الناس "32 وهكذا يتم تجسير لغة القرآن مع لغة الناسمن خلال اعتبار الإعجاز تم في مجال مقدور عليه وليس مصروفا عنه، فإعجاز القرآن طبقة في الكلام بلغت الذروةن ثم يتنزل إجرائيا ليحدد البلاغة في عشرة أقسام هي: الإيجاز والتشبيه والاستعارة والتلاؤم والفواصل والتجانس والتصريف والتضمين والمبالغة وحسن البيان33. ومن التعداد يدرك إفراده للبيان بالحسن ثم حين يفصله يعود لما قاله الجاحظ مع تعديل جوهري إذ حسن البيان في الكلام "على مراتب، فأعلاها مرتبة ما جمع أسباب الحسن في العبارة من تعديل النظم حتى يحسن في السمع ويسهل على اللسان وتتقبله النفس تقبل البرد وحتى يأتي على مقدار الحاجة فيما هو حق من المرتبة "34. فجعل للبيان الذي ارتبط عند الجاحظ بوظيفة الإفهام متعلقا بالصياغة التي سماها نظما وسياق كلامه يصرف هذا المفهوم إلى تأليف الأصوات لأنه المؤدي إلى الحسن في السمع والسولة على اللسان، والمنحى الصوتي المرتبط بالمذهب الكلامي واضح في هذا، ثم يربط هذه الصياغة بالتلقي فيجعل له مقياس التقبل، وبالنجاعة الذرائعية فيجعل لها مقياس تلبية الحاجة، وحين يتحدث الرماني عن التلاؤم، ينكشف مفهوم صوتي إعجازي مهم يعطي لمقولة النظم دقة أكثر "والسبب في التلاؤم تعديل الحروف في التأليف فكلّما كان أعدل كان أشد تلاؤما وأما التنافر فالسبب فيه ما ذكره الخليل من البعد الشديد أو القرب الشديد "35. إن اتباه الرماني كان منصبا على مناط الإعجاز القرآني وهو يصوغ هذا الملمح الصوتي البارز الذي بلغ فيه النظم القرآني القمة، وهو ما يلتقطه فيما بعد الخفاجي وابن الأثير، ليصير عندهما "سرّ الفصاحة" و"مثلها السائر" خاصة وأن الرماني يعتصر من مفهوم التلاؤم الصوتي نتيجته الطبيعية وهي: الأثر النفسي الذي تذهب معه النفس كل مذهب. وإن كان لا يجعل الأقسام العشرة كلها معجزة، فإنه يجعل من غير المعجز يساهم فيه ويدعمه، فالإعجاز عنده يدور عموما حول مفاهيم التلاؤم وحسن البيان وصحة البرهان36. والخاصية الصوتية التي تتولد عن نظام الفواصل يجعلها الرماني مزية باعتبار تبعيتها للمعنى37. مستثمرا البعد الصوتي الذي سيهمله الأشاعرة فيما يعد إخلالا بينا في تكامل النظرية البلاغية عندهم.
إن الإعجاز عند الرماني مناطه التأليف، لأنه الآلية التي تنفتح على التعدد واللانهائية في التصرف الدلالي والتركيبي38 .ولذلك صار التحدي بها لتظهر المعجزة، ولأنها آلية طبيعية في اللغة والكلام في مقدور المتحدى إليهم ممارستها مما ينسجم ومنظور الاعتزاليين في وجوب اتحاد أرضية التحدي وإمكانيتها.
أما القاضي عبد الجبار فيصل بالتحديد المفهومي أقصاه، فهو يردّ في مقام أوّل دعوى الإعجاز القرآني باعتباره جنسا من الكلام خارجا عن عادة العرب، لأنه كما تمت الإشارة إليه لابد من اتحاد أرضية التحدي فيما يعتقده المعتزلة من صفات العدل الإلاهي :"لأن من سبق إلى الشعر أولا لا يجب أن يكون الذي أتى به داخلا في الإعجاز وإن كان قد اختص بنظم غير معتاد، لما كان المتعالم من حال الغير أنه يساويه في ذلك، فلم يكن بالسبق اعتبار دون أن ينضاف إليه ما ذكرناه من تعدد مثله على غيره وخروجه عن المعتاد .. ولو كان السبق إلى الشعر من باب الإعجاز لكان كل وزن منه وكل بحر يقتضي الإعجاز ولصحّ ادعاء الإعجاز في كل زمان بابتداع وزن مخالف لما جرت به العادة، ف‘ذا بطل ذلك من حيث لا فرق بين المعتاد من الأمور وبين ما يتمكن الناس من فعله على حد العادة، لان كلا الوجهين سواء في أن التساوي والاشتراك في ممكن.. وإنما يدل على النبوة ما يخرج عن طريق العادة في الوقوع والتمكن فكيف يصح اعتبار السبق في هذا الباب "39.
فإذا تم استبعاد هذا الاعتبار للسبق في اختراع الجنس من الكلام، لم يبق من المجال المشترك الذي بز فيه القرىن العرب إلا الفصاحة "وليس فصاحة الكلام بأن يكون له نظم مخصوص لأن الخطيب عندهم قد يكون أفصح من الشاعر والنظم مختلف إذا أريد بالنظم أختلاف الطريقة وقد يكون النظم واحدا، وتقع المزية في الفصاحة، فالمعتبر ما ذكرناه لأنه الذي يتبين في كل نظم وكل طريقة..ولذلك يصح عندنا أن يكون اختصاص القرىن بطريقة في النظم دون الفصاحة التي هي جزالة اللفظ وحسن المعنى"40.
هذا التحديد للفصاحة دافعه إثبات الإعجاز بما هو ملموس من الصياغة والتشكيل، فإذا تم ذلك أصبح التفاوت في الترتيب مسوغا ومبررا " الكلام الفصيح مراتب ونهايات وإن جملة الكلمات وإن كانت محصورة فتأليفها يقع على طرائق مختلفة من الوجوه، فتختلف لذلك مراتبه في الفصاحة، فيجب ألا يمتنع أن يقع فيه التفاضل وتبين بعض مراتبه من بعض ويزيد عليه قدرا يسيرا أو كبيرا.. وما هذا حاله فالتحدي صحيح فيه، لأن فيه مقادير معتادة تصح فيها زيادات في الرتب غير معتادة ، وصار ذلك في بابه بمنزلة مقادير معتادة تصح فيها زيادات في مراتب غير معتادة، فكما صح فيما حلّ هذا المحل التحدي به، فكذلك القول فيما ذكرناه من الكلام"41 فنظم القرآن جاء على هذا الاتجاه الذي يتفاضل فيه الكلام ويتقدم فيه البعض على بعض، تفاضل تدخل فيه إمكانات اللغة باعتبارها جداول اختيارات، وتجربة المبدع باعتباره المتخير والناظم لها.
ولكي يرسخ القاضي هذا الاختيار الحر للمبدع لابد أن تتجاوز المواضعة حدود المفرد لأن العرب "إذا لم يفعلوا ذلك أي لم يتواضعوا على صور الكلام ووجوهه المختلفة، ووقعت مواضعتهم على هذا الحد، أي وقفوا بالمواضعة على ذات الكلمة المفردة والصفات التي تلحقها في حالات إعرابها، فيجب ألا يمتنع فيه –أي في الكلام- المزية حتى يظهر المعجز في القرآن وغيره، سواء قلنا إن اللغة توقيف أو مواضعة الكلام"42، لأن المواضعة في رأيه إذا شملت جدول الاختيار وجدول التركيب معا صار "المتكلمون حينئذ على طريق واحد، قد رسم لهم من قبل، فساروا فيه، وصار نطقهم بالكثير من الكلام أشبه بنطقهم بالكلمة الواحدة، لا فضل لأحد على أحدفي مقام النطق بها، لأن الناس قد تواضعوا على قيمتها ودلالتها ..وكذلك الحال في جملة الكلام إذا كانت المواضعة قد شملته، فأصبح لكل معنى القالب اللفظي الموضوع له، بحيث لا يستطيع أحد الخروج عليه أو إدخال صنعته فيه، بل ينقله من محفوظه اللغوي نقلا كما يستدعي الحقائق العلمية التي أودعها ذاكرته"43، فإذا كان التفاوت جوهريا ليصح منظور الإعجاز، صح اعتبار التصرف في جدول التركيب أصلا لا في جدول الإفراد لأن "الفصاحة لا تظهر في افراد الكلام وإنما تظهر في في الكلام بالضم على طريقة مخصوصة "44 . فالمعاني والأغراض العامة لا تزايد فيها والقرآن –عند القاضي- قد لايكون أتى بأغراض متحدى بها فإذن "يجب أن يكون الذي يعتبر التزايد عند الألفاظ التي يعبر بها عنها-أي عن المعاني- فالذي تظهر به المزية ليس إلا الإبدال الذي تختص به الكلمات أو التقدم والتأخر الذي يختص بالموقع أو الحركات التي تختص بالإعراب فبذلك تقع المباينة ..ولابد في الكلامين الذين احدهما أفصح من الىخر أن يكون إنما زاد عليه بكل ذلك أوبعضه ولا يمتنع في اللفظة الواحدة أن تكون إذا استعملت في معنى تكون أفصح منها إذا استعملت في غيره وكذلك الشأن فيها إذا تغيرت حركاتها وكذلك القول في جملة من الكلام.. فأما حسن النغم وعذوبة القول ..فمما يزيد الكلام حسنا على السمع لأنه يوجد فضلا في الفصاحة"45.
بهذا يحدد القاضي أرضية التمايز والمباينة والتفاوت كما يحدد إجراءاتها التي تتعلق بالإبدال والموقع والإعراب، فيكون التفاوت فيها جميعا أوفي بعضها وبذلك يكون جهد الرماني في جعل الإعجاز منوطا بما هو ممكن المنافسة قد بلغ عند القاضي منتهاه من خلال مفهوم الضم الذي يتناول اللفظ لا المعنى بما يؤكد المنحى الاعتزالي الذي يجعل الكلام أصواتا أما المعنى فله اعتبار آخر.
وإذا تم الاقتراب أكثر من هذا الاعتبار الصوتي اللفظي للكلام في الإطار الاعتزالي ذاته، سيقف الخفاجي على مفرق آخر، فيرى ان الارضية التي مهدها القاضي ليتميز فيها النص القرآني بالضم على طريقة مخصوصة بالغا الغاية والإعجاز، لا يصح عنده لانها من منظور التصنع والتعمّل تخرج من دائرة التحدي، فمعيار التعمّل الذي سوف يقول به الباقلاني من الأشاعرة يقول به الخفاجي، ولكن الأول يجعله مصفاة تسقط منها إجراءات بلاغية عديدة يمكن للفصحاء مجاراة القرآن فيها، أما الخفاجي فالمعيار ذاته مبرره لجعل الإعجاز غير منوط بالفصاحة أصلا ويتخذ الصرفة دلالة على الإعجاز أبين وأقوى، وهو رأي يعتبر ردا ضمنيا عل مذهب الغرابة الشعرية الذي غلب على أسرار البلاغة للجرجاني46.
في منظور مقابل يأخذ بتحديد الكلام بانه المعنى النفسي واللفظ عبارة عنه يرى الخطابي أن الكلام يقوم على أسس ثلاثة هي: لفظ حامل ومعنى به قائم ورباط لهما ناظم، وهذا التحديد باعثه موقفان مبدئيان، الأول صرف الإعجاز إلى لغة النص ونظمه وهدم مقولة الصرفة يقول:"وذهب قوم إلى أن العلة في إعجازهالصرفة أي صرف الهمم عن المعارضة وإن كان مقدورا عليها غير معجوز عنها، إلا أن العائق من حيث كان أمرا خارجا عن مجاري العادات صار كسائر المعجزات"47 ويعلق على قول الله تعالى "قل لئن اجتمعت الإنس والجن .."48 " فأشار في ذلك إلى أمر طريقه التكلف والاجتهاد وسبيله التأهب والاحتشاد، والمعنى في الصرفة التي وضعوها لا يلائم هذه الصفة فدلّ على أن المراد غيرها"49 ، كما ردّ على من قال بالإخبار عن المغيبات من خلال القول بأن التحدي وقع بكل سورة وليس سورا بعينها50. أما الباعث الثاني فهو حسه التجريبي الذي يرفض ربط كشف الإعجاز بالذوق والدربة" ذلك أنهم صاروا إذا سئلوا عن تحديد هذه البلاغة التي اختص بها القرآن الفائقة في وصفها سائر البلاغات وعن المعنى الذي يتميز به عن سائر أنواع الكلام الموصوف بالبلاغة قالوا: إنه لا يمكننا تصوره ولا تحديده بأمر ظاهر نعلم به مباينة القرآن غيره من الكلام، وإنما يعرفه العالمون به عند سماعه ضربا من المعرفة لا يمكن تحديده، واحالوا على سائر أجناس الكلام الذي يقع منه التفاضل فتقع في نفوس العالمين به معرفة بذلك ويتميز في أفهامهم قبيل الفاضل من المفضول منه..وهذا لا يقنع في مثل هذا العلم ولا يشفي من داء الجهل به وإنما هو إشكال أحيل به على إبهام"51. فيعمد إلى تحديد مكمن الإعجاز بعد أن يحدد طبقات الكلام على نحو ما فعل الرماني فيجعل البلاغة درجات منها البليغ الرصين ومنها الفصيح الغريب السهل ومنها الجائز الطلق الرسل، فالأول أعلى طبقة والثاني وسط والثالث قريب52. ثم يعطي رأيه الذي لم يسبق إليه في أن بلاغة القرآن إنما أعجزت لما توفرت الطبقات الثلاثة فيه في انسجام وتوافق"فانتظم لها بامتزاج هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع صفتي الفخامة والعذوبة، وهما –على انفرادهما- كالمتضادين لأن العذوبة نتاج السهولة، والجزالة والمتانة في الكلام تعالجان نوعا من الوعورة ..لذلك كان اجتماعهما في نظم القرىن فضيلة خص بها، يسّرها الله بلطيف قدرته من أمره لتكون آية بينة لنبيه -ص- ودلالة على صحة ما دعا إليه من أمر دينه "53.ثم يوضح كيفية هذا الجمع بين الأساليب الثلاثة من خلال عرض الأغراض التي تناولها النص القرآني والتي تفرض تنوع الأساليب ولكنها وردت في القرآن مؤتلفة منسجمة"إنما صار القرآن الكريم معجزا لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظام التأليف متضمنا أصح المعاني من توحيد له عزت قدرته، وتنزيهه في صفاته ودعاء إلى طاعته وبيان بمنهاج عبادته من تحليل وتحريم وحضر وإباحة ومن وعظ وتقويم وأمر بمعروف ونهي عن منكروإرشاد إلى محاسن الأخلاق وزجر عن مساوئها واضعا كل شيئ منها موضعه الذي لا يُرى شيئ أولى منه، ولا يُرى في صورة العقل أمر أليق منه، مودعا أخبار القرون الماضية وما نزل من مثلات الله بمن عصى وعاند منهم منبئا عن الكوائن المستقبلية في الأعصار الباقية من الزمان، جامعا في ذلك بين الحجة والمحتج له والدليل والمدلول عليه ليكون ذلك أوكد للزوم ما دعا إليه، وإنباء عن وجوب ما أمر به ونهى عنه..ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الأمور والجمع بين شتاتها حتى تنتظم وتتسق أمر تعجز عنه قوى البشر"54 وفي إشارة لافتة إلى محور الاختيار يربط الخطابي الإعجاز القرآني بعامل يقترب من مفهوم الصرفةوهو الإحاطة باللغة54 ، "ذلك أن علم البشر لا يحيط بجميع أسماء اللغة العربية وبألفاظها التي هي ظروف المعاني والحوامل لها ولا تدرك أفهامهم جميع معاني الأشياء المحمولة على تلك الألفاظ، ولا تكمل معرفتهم لاستيفاء جميع وجوه النظر التي بها يكون ائتلافها وارتباط بعضها ببعض، فيتواصلون باختيار الأفضل عن الأحسن من وجوهها إلى أن يأتوا بكلام مثله"55 ورغم هذا النتوء العارض في أفكاره فإن مدار الإعجاز يظل على أرضية التأليف والنظم الذي يضمن وجه التحدي ويمهد أرضيته خاصة وهو يقول:"أما رسوم النظم فالحاجة إلى الثقافة والحذق فيها أكثر، لأنها لجام الألفاظ وزمام المعاني، وبه تنتظم أجزاء الكلام ويلتئم بعضه ببعض، فتقوم له صورة في النفس يتشكل بها البيان"56 وتموضع مصطلح النظم بما يفيد التركيب والترتيب أوضح حين يقول "عمود هذه البلاغة التي تجمع لها هذه الصفات هو وضع كل نوع من الألفظ التي تشتمل عليها فصول الكلام موضعه الأخص الأشكل به، الذي إذا أبدل مكانه غيره جاء منه إما تبدل المعنى الذي يكون منه فساد الكلام وإما ذهاب الرونق الذي يكومن معه سقوط البلاغة "57 وهو ربط واضح بين الموقع الترتيبي والاختيار البلاغي والدلالة الناتجة عن تقاطع الجدولين.
ج- النص، الظاهر والباطن والتأويل:
في هذا المستوى الدلالي يبلغ الأثر الكلامي أوجه، لأن الدلالة مرتبطة بتحديد الكلام، ومرتبطة بوجود الحقيقة في الشاهد أو في الغائب، ومرتبطة بدور المتلقي في كشف هذه الحقيقة، ومرتبطة بالتفرقة بين الحقيقة اللغوية والحقيقة الشرعية والحقيقة الوجودية، ومرتبطة بالمعرفة ووسائلها هل هي في العقل أم في النقل، وغيرها من القضايا الفرعية عن هذه الأمهات، وفي صدارتها قضية المجاز بين المنظورين الكلامي والبلاغي وما اثارته من الآراء.
الدراسات اللغوية الأولى للقرآن الكريم انطلقت كما سبق بيانه من ردّ فعل تجاه تشكيك في انسجام النص القرآني، وأهم ما يثير هذا التشكيك ورود المتشابه والمشترك والغريب، وبما إن الدراسة في هذا الوقت كانت لغوية محضة فقد كان التركيز على ربط ورود المجاز في القرآن بسنن العرب في كلامها، من خلال إيراد الشواهد الشعرية، ومثاله "معاني القرآن" للفراء و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة و"تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة.
فالفراء مثلا اجتهد في ردّ العبارات إلى كلام العرب58 مستخدما مصطلح التجوز لإدراك العلاقة بين المجاز والحقيقة في إسناد الفعل إلى فاعله لوجود علاقة بين الفاعل الأصلي والفاعل النحوي في العبارة، كما استخدم مصطلح الاتساع "فهذا مما يعرف معناه فتتسع فيه العرب"59وإضافة إلى التجاوز الإسنادي، تناول التجوز في الصيغة الصرفية ومجاز الحذف واستخدام الضمائر فيما سمي لاحقا بالالتفات، وتناول التشبيه واستند في كل هذا إلى معيار لفظي أو معنوي كوضوح وضوح المعنى، والتشابه شرطا للنقل الدلالي، كما يستشف من شروحه التجوز الكلامي في الآيات التي يخدش ظاهرها نزاهة الأنبياء وأخلاقهم60، ويمكن تشبيه منهج الفراء بمنهج أبي عبيدة، فإذا بحث الأول عن استواء القاعدة النحوية فقد بحث الثاني عن استواء العبارة، وكان كلاهما يردّ إلى الشاهد الشعري من كلام العرب من منظور التناول النحوي أو اللغوي.
ولا يبتعد ابن قتيبة كثيرا عن سابقيه سوى في إدراكه لوظيفة مؤَلَّفه وهو تنزيه القرآن عن التناقض والإغراب، ولكنه في إثباته ضرورة المجاز كما تكلمت العرب ردّ على الطاعنين في وجوده من متشددي أهل السنة، وعلى المغرقين فيه من المعتزلة61 وقد قاوم الظاهرية هذا النزوع إلى إثبات وجود المجاز في القرآن وجادلوا عن ذلك وكتب ابن القيم حافلة بالمساجلات، فهم يربطون المجاز بالكذب ولا يعدل المتكلم إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير، وهذا محال في حق الله تعالى، فينبغي تنزيه القرآن الكريم عنه، وإذا نزه عنه كتاب الله وهو النازل على سنن العرب في كلامها، امتنع ضرورة أن يوجد في كلامها وإلا كان تناقضا، وبذا يلتقي الدليل العقلي واللغوي والشرعي عنده لنفي المجازوكل ذلك يتفق وتوقيفية اللغة والمصدر الإلاهي للمعرفة62 وعلى النقيض من هذا الموقف يرسخ الفكر الصوفي دلالة متحركة بين علمي الغيب والشهادة، فباعتبار الحقيقة مركوزة في عالم الغيب، فإن عالم الشهادة أو الموجود كله تجلي لهذه الحقيقة، واللغة من هذا المنظور تدلّ حقيقة على عالم الملك، ومجازا على عالم الشهادة، فهي تحيا بصورة المعنى في عالم الحس وروح المعنى في عالم الملكوت، ودلالة روح المعنى هي على فعل الله تعالى، أما دلالة صورة المعنى فعلى فعل الإنسان، ولا شك أن المفهوم الاعتزالي للاستدلال ينقلب من قياس الغائب على الشاهد إلى قياس الشاهد على الغائب عند المتصوفة، ويستبدل العقل بالقلب وسيلة لتلقي الحقيقة أو روح المعنى.إن اللغة تتحول في هذا المنظور إلى علامة منفتحة الدلالة. فابن عربي يجعل مراتب الوجود تجليا للحقيقة الإلاهية من جهة وموازية للحروف اللغوية من جهة أخرى، مما يفضي إلى اعتبار مراتب الوجود التي أوجدتها الأسماء الإلاهية موازية لحروف اللغة الإلاهية التي هي باطن لظاهر هو حروف اللغة البشرية الصوتية نطقا أو الخط كتابة. ومن هنا يصح إطلاق "كلمات الله" على الممكنات كما يطلق على القرآن كلام الله، وبذلك يكون كلام الله مستويين:
- مستوى الكلام الوجودي الذي يتجلّى في الممكنات
- مستوى الكلام اللغوي الذي يتجلّى في النص القرآني
وبوجود الحقيقة باطنة تصبح الدلالة قسمين: ذاتية باطنية هي الأصل، وعرفية ظاهرية هي الفرع، والقارئ فيها هو الصوفي الذي يصل إلى الحقيقة الباطنية63 واعنصار الدلالة يحكمه توتر متعدد، توتر اللغة في دلالتها الذاتيةمما يجعلها قابلة للتعدد والتفسير، وتوتر دلالتها الباطنية على الوجود، ففي المستوى الوضعي يشير الدال إلى مدلول معين ثابت مهما تكررت العلاقة اللغوية الدالة عليه، ولكن في المستوى الوجودي يمّحي هذا التكرار، فالمشار إليه في تخلق جديد يجعل له في كل مرة دالا جديدا. والصوفي القارئ العارف هو الذي يدرك أن الضمير أو الإسم المكررين لا يدل كل منهما على المدلول ذاته بل على مدلول جديد، وطريق الكشف هو الذي يمكن أن يرى للعبارات اللغوية معاني جديدة في كل لحظة ومن هنا عدم ثبات النص اللغوي والقرآني الدال على حركة الوجود ومنه مشروعية التأويل الوجودي والنصي باعتبارهما نصين سيميائيين64. والمعتزلة أيضا يجعلون الحقيقة خارج النص من خلال مفهوم القصد، ويباشرون النص لإثبات انسجامه مع هذا القصد، ولذلك كان هذا المبحث عندهم كلاميا في مقام أول، يرد مجاز القرآن إلى الحقيقة العقائدية، فكان جهد تنزيه الذات الإلاهية أفعالا وصفات عن التشيبه باعثا فعليا على تبرير وجود المجاز، ومن ثم ضرورة التأويل، فمبحث المجاز تم تناوله إذا من منظور المعيار اللغوي ومن منظور المعيار العقائدي. فإذا كانت الحقيقة خارج-نصية ووسيلتها العقل والاستدلال، فإن المجاز هو كل ما لا يلائم ظاهره الفصد والحقيقة التي تصوروها وجعلوا التأويل سلاحا لرده إلى هذه الحقيقة، واشترطوا لوقوعه المواضعة والقصد حتى تظل الوظيفة البيانية للغة قائمة محفوظة، والمجاز عندهم بيان حتى لا يكون اضطرارا لا يليق بالذات الإلاهية كما ادعت الظاهرية، ويخضع النص القرآني طبقا لهذه الخلفية إلى تقسيم على أساس مذهبي من خلال المحكم والمتشابه، فالمحكم كل ما وافق أصول اعتقادهم والمتشابه كل ما لم يوافقها.
ويتقارب الأشاعرة مع المعتزلة في مبحث المجاز كثيرا، فمن خلال التفرقة بين أدلة اللغة وأدلة العقل، يرى الجرجاني أن أدلة العقل وجوبية والأولى عرفية، ويجعل المجاز قسمين، مجاز لغة لا تفاضل فيه، ومجاز عقل أوإسنادي وفيه يتم التفاضل. وبغض النظر عن المفارقة التي يقع فيها حين اعتبر ثبات الدلالة العقلية ثم ربط المزية بها، فإن الجرجاني يجعل المجاز مقابلا للحقيقة كما فعلت المعتزلة والقاضي خصوصا، وذلك لدفع تهمة الكذب عن المجاز، فهو ادعاء للدلالة وإثبات لها، ووروده في القرآن هو للإبانة والإيضاح، ولذلك اشترط لوقوعه علاقة التشابه وإلاّ لم يعدّ مجازا، وبالتالي تبقى اللغة كما هي في مذهبه الأشعري أحد الأدلّة المقررة لاكتساب المعرفة. ومفهوم النظم الذي نقل إليه مكمن الإعجاز بعد أن كان يشيد بالمفارقة الدلالية والغرابة الشعرية في الأسرار، أطلقه حتى يعمّ الإعجاز النص كله، وأدخل ضمنه المجاز لأنه لا يوجد في كل آية، بينما يستغرق النظم النص كله. ومن خلال مقولتي المعنى ومعنى المعنى أعطى الجرجاني للمجاز صياعة اصطلاحية دقيقة، تقود من الدلالة المباشرة إلى الدلالة الحقيقية ليلتئم مجمل الآراء على وجود ظاهر وباطن للنص معبره المجاز ووسيلته التأويل.
ثبت الإحالة:
________________________________________
1 – الشروق اليومي، ع 349، 27/ 12/ 2001، ص 24
2 - نصر حامد أبو زيد، مفهوم النص، ص137
- المرجع نفسه، ص 343
4 – نصر حامد أبو زيد، مفهوم النص، ص25
5 – نصر حامد أبو زيد، الاتجاه العقلي في التفسير، ص 96
7 – الآية من سورة آل عمران
8 –المرجع السابق، ص 144
9 – المرجع نفسه، ص 144
- الطبري،جامع البيان، ج6، ص203 10
11 – المرجع السابق، ص 40
12 – القاضي عبد الجبار، المغني، ج15، ص 162
13 – الاتجاه العقلي في التفسير، ص 80
14 – المرجع نفسه، ص 83
15 - المرجع نفسه، ص 68
16 – المرجع نفسه، ص 85
17 - المرجع نفسه، ص 83
18 - المرجع نفسه، ص 85
19 - المرجع نفسه، ص 83
20 – المرجع نفسه، ص 79
21 – المرجع نفسه، ص 57
22 – المرجع نفسه، ص 75
23 – المرجع نفسه، ص 87
24 – أحمد جمال العمري، مفهوم الإعجاز القرآني، ص 48/49
25 – الأشعري،مقالات الإسلاميين،ج1ص296
27 – عبد العظيم الزرقاني مناهل القرآن ج2ص310
28 – علي مهدي زيتون،إعجاز القرن وأثره في تطور النقد الأدبي ص 52
29 – المرجع نفسه ص52
30 - الخطابي، بيان إعجاز القرآن ص23
31 – الاتجاه العقلي في التفسير،ص118
32 – الرماني،النكت في إعجاز القرآن،ص75
33 – المرجع نفسه، ص 76
34 – المرجع نفسه، 107
35 - المرجع نفسه،107
36 – محمد العمري، البلاغة العربية، ص 168
37 – الرماني،النكت، ص97
38 – المرجع نفسع،ص 107
39 – القاضي عبد الجبار، المغني ج16، ص 217
40 – المرجع نفسه، ج16، ص 199
41 – المرجع نفسه، ج 16،ص 214
42 – المرجع نفسه، ج 16، ص 214
43 – أحمد جمال العمري، مفهوم الإعجاز القرآني، ص161
44 – المرجع السابق، ص 214
45 – المرجع نفسه، ص 200
46 - محمد العمري، البلاغة العربية، ص 443
47 – الخطابي، بيان إعجاز القرآن، ص22
48 – الآية 88، الإسراء
49 – المرجع السابق، ص 23
50 - المرجع السابق، ص 24.
51 - المرجع السابق، ص 24
52 - المرجع السابق، ص 24
53 - المرجع السابق، ص 24
54 - المرجع السابق، ص 25
54 – إعجاز القرآن وأثره في النقد الأدبي، ص 45
55 - الخطابي، بيان إعجاز القرآن، ص 27
56 – المرجع نفسه، ص36
57 - الخطابي، بيان إعجاز القرآن، ص 26
58 – الاتجاه العقلي في التفسير،ص103
59 - المرجع نفسه، ص104
60 – المرجع نفسه، ص110
61 – المرجع نفسه، ص171
62 – المرجع نفسه، ص02
63 – نصر حامد أبو زيد، فلسفة التأويل، ص 151
64 – نصر حامد أبو زيد، النص، السلطة، الحقيقة، ص 07
ثبت المراجع:
- 1- نصر حامد أبو زيد، مفهوم النص،دراسة في علوم القرآن،المركز الثقافي العربي،ط 4،1998
- 2– نصر حامد أبو زيد، فلسفة التأويل، المركز الثقافي العربي، ط4، 1998
3– نصر حامد أبو زيد، النص، السلطة، الحقيقة، المركز الثقافي العربي، ط2، 1997
4- نصر حامد أبو زيد، الاتجاه العقلي في التفسير، المركز الثقافي العربي، ط3، 1996
5- الطبري،جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج6 ، ت محمود شاكر، دار المعارف، مصر، 1971
6- القاضي عبد الجبار، المغني، ج15، ت الخضيري وقاسم، 1965، ج16، ت الخولي 1960
7- أحمد جمال العمري، مفهوم الإعجاز القرآني، دار المعارف، 1984
8– الأشعري،مقالات الإسلاميين،ج1، ت محيي الدين عبد الحميد، مكتبة النهضة المصرية، 1970
9– عبد العظيم الزرقاني، مناهل القرآن ج2، دط، دت
10– علي مهدي زيتون،إعجاز القرن وأثره في تطور النقد الأدبي، دار المشرق، ط1، 1992
11- الخطابي، بيان إعجاز القرآن، ضمن ثلاث رسائل، ت أحمد خلف الله وزغلول سلام، دار المعارف، ط2 1968
12– الرماني،النكت في إعجاز القرآن، ضمن ثلاث رسائل، ت أحمد خلف الله وزغلول سلام، دار المعارف، ط2، 1968
13- محمد العمري، البلاغة العربية أصولها وامتداداتها، أفريقيا الشرق، 1999

ليست هناك تعليقات: