الهوية الشخصية

أولاد دراج, المسيلة, Algeria
أستاذ بجامعة محمد بوضياف حاصل على الماجستير في اللسانيات والدراسات المعجمية العربية من المدرسة العليا للإساتذة *ببوزريعة البريد الإلكتروني:sghilous@yahoo.fr

الصفحات

الجمعة، أبريل 17، 2009

بيداغوجيا القراءة

25 يونيو 1999
التعميم وتكافؤ الفرص
حسب تصريح السيد وزير التربية الوطنية مؤخرا أمام اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين وإسنادا على التقرير الدولي للتربية الصادر عن اليونسكو السنة 1998، فإن نسبة التمدرس بالمغرب تسجل تأخرا يعادل 20% بالطور الأول من التعليم الأساسي، والسلك الثانوي، وذلك مقارنة بما هو عليه الحال في الدول النامية فقط.
أما نسبة الهدر Déperdition فلازالت مرتفقعة خاصة في الأوساط الفقيرة ... فمن بين كل 100 طفل عمرهم 7 سنين يدخل المدرسة المدرسة 85، ويلتحق بالإعدادي 45، وينهيه 32، ويدخل السلك الثانوي 22 ويبلغ نهايته 17، أما الطين يحصلون على الباكلوريا فعشرة فقط (رغم أنف وأنفة الأكاديميات). وتزداد الفوارق بين الوسطين الحضاري والقروي، وتتفاقم التفاوتات بين الجنسين لتصبح "فظيعة" حسب تعبير الوزارة. إذ من بين كل 100 طفل قروي عمرهم 7 سنين يلتحق بالمدرسة 66 فقط ويلتحق بالإعدادي 41 ومن بين كل 100 فتاة (في الوسطين معا) عمرهن 7 سنين تدخل المدرسة 59 بالكاد، وتلتحق بالإعدادي 43، وتدخل الثانوي 17، وتحصل على الباكلوريا 7.
ورغم أن هذه الأرقام لا تعطي فكرة واضحة عن طبيعة هذا الهدر ونسبته الحقيقية لأنها فقط تركز على المعالم points de reperts والتي تشكلها بدايات ونهايات أسلاك التعليم. وبذلك فإنها تعطب فقط فكرة عن نسبة الهدر الظاهر Derptidtion apparente لأن حساب نسبة الهدر الحقيقي ينبغي أن يقف عند كل سنة دراسية، وعند كل حالة فردية وتصنيفها من أجل الوقوف على نسبة الهدر الحقيقي وطبيعته وأسبابه الأصلية (هل هو فشل دراسي، إقصاء، طرد، انقطاع الأسباب سوسيو اقتصادية أو غيرها ؟ ...) ومع ذلك فإن الرقم الإجمالي لأطفالنا المغاربة المحرومين من حقهم الطبيعي في التعلم (والمتراوحة أعمارهم بين 7-15 سنة) يبلغ مليونان ومائة ألف (2.100,000). نفترض أنهم جميعا ينتمون إلى الفئات الفقيرة في المجتمع، وإلى الجهات والمناطق التي ظلت مهمشة طيلة عقود من الزمن.
لذلك فإن تعميم التعليم باعتباره حقا دستوريا لكل طفل، وأحد حقوق الإنسان الأساسية. يجب أن يرتبط بمبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الأطفال باختلاف الجنس المستوى الاقتصادي ومكان الإقامة ...
إذ لا يعقل ونحن على بوابة الألفية الثالثة أن يقصي نظام التعليم بصفة منهجية، أو يضع عراقيل أمام الأطفال لمتابعة تعليمهم بسبب جنسهم أو انتمائهم الاجتماعي أو لأنهم - فقط - كتب عليهم أن يزدادوا في مناطق عانت ولا زالت تعاني من التهميش والعزلة. فكل أبناء الوطني نافعون وجميع مناطقه نافعة. ولنا عودة للموضوع.
سكرتارية الملحق

25 يونيو 1999
من أجل بيداغوجية جديدة للقراءة
إن الهدف من هذه المقالة هو إبراز التوجهات الأساسية لبيداغوجية جديدة للقراءة :
1- تعلم القراءة يتم عن طريق القراءة المغلبة
هذه هي الفكرة الموجهة للبيداغوجية الجديدة، إن الطفل يتعلم القراءة من خلال قراءاته المتعددة والمتنوعة (لأن جملة أو جملتين لا تمكننا الطفل من الاستباق (anticipation)، كما لا تضعائه في وضعية حقيقية للقراءة)، وأيضا من خلال القراءات المجهولة بحيث تصبح القراءة بحثا عن المعنى واكتشافه.
2- إرساء وتشغيل استراتيجيا القارئ الفعلي الكامن في القارئ المتعلم
منذ بداية التعلم، أي منذ التعليم ما قبل المدرسي، يتبغي وضع الطفل في وضعيات متنوعة تمكنه من مساءلة المكتوب، وبالتالي انتظار المعنى، ومن تم سيتعلم صياغة الفرضيات واستخلاص المؤشرات، وبكلمة سيتصرف كقارئ.
3- تنويع وضعيات القراءة إلى أقصى حد لجعل الطفل يكتسب سلوك القارئ، ويستطيع التكيف مع متطلبات القراءة
إن قراءة النصوص السردية / الحكائية، لا تمثل إلا جزءا قليلا من وضعيات القراءة التي توفرها الحياة العصرية، فينبغي على البيداغوجية أن تأخذ بعين الاعتبار هذا المطعى، وأن تعمل على امتلاك الطفل لوسيلة وتقنية متعددة الوظائف، يمكنه استعمالها كلما دعت لذلك متطلبات حياته اليومية.
فبالإضافة إلى النصوص القصصية، ينبغي أن نقدم له وثائق متنوعة ليتعلم قراءتها حسب خصوياتها، وهذا ما يسمى ب "القراءة الوظيفية" والتي سيطبقها على كتابات ذات طبيعة مغايرة (قراءة التصاميم، البيانات، الخرائط، الوصفات الطبية، الوصلات الإشهارية ...) ويمكننا استعمال هذه القراءة الوظيفية، في بعص الأحيان، في الكتابات غير الخصوصية، كالبحث مثلا عن معلومات أو فقرة في رواية سبق لنا الاستمتاع بها :
وتعتبر هذه القراءة "تصفوية" (sélective)، والهدف منها، في كل الأحوال هو البحث عن معلومات (ليس فقط في المنجد، بل كذلك داخل المقالات نفسها)، وهذه القراءة لم ترق بعد إلى ما يسمى ب "القراءة الفوقية" التي تشمل القراءة السريعة لوثيقة أو كتاب متخصص. الخ).
إن تنويع استراتيجيات القراءة لا يعني بتاتا إلغاء القراءة بصوت مرتفع داخل الفصل، بل الأهمية تنبع من ضرورة كيفية القراءة. فأما سبب وضعية معينة (ضرورة التواصل)، وأما لسبب خصوصيات النصوص (الشعر، المسرح ...) وسنحاول في هذه الفقرة اقتراح ثلاث بيداغوجيات للتعيم استقيناها من ثلاثة اختصاصين في مجال القراءة.
وللتوضيح تبين لنا أنه من الأهمية بمكان تحليل الاقترحات الجديدة للتعلم مع تبيان الاختيارات التربوية للاختصاصيين الثلاثة قصد إبراز التباينات والتقاطعات التي يمكنها أن توضح للقارئ انعكاسات البحث النظري، وأن تمده في نفس الوقت بأفكار تساعده على المرور إلى مجال الممارسة.
* إفلين شارمو "القراءة في القسم" (1975)
* أهداف وأسس المنهجية
إن الهدف هو جعل الطفل قادرا على مسايرة وضعية تواصلية مكتوبة، كيفما كانت المعتمدات، وكيفما كانت العلاقة قارئ / متلقي.
القراءة هي استعمال الأعين، القراءة هي الذهاب إلى المجهول، القراءة هي التلقي من أجل الفهم، القراءة هي ملاءمة وتكييف القراءة مع الوضعية، االقراءة هي رد الفعل قصد الإنتاج.
* منهجية التعلم :
1- مرحلة القبليات والتي تستقطب :
- مجموعة العوامل النفسية والحركية النفسية لنمو الطفل والتي تكون ما نطلق عليه في بعض الأحيان ب "المكتسبات القبلية".
وتأتي هذه المرحلة في نهاية التعليم الأولي.
2- مرحلة التعلم الأولي وتستقطب :
- الفهم السريع من خلال الإدراك العيني (نسبة إلى لعين)،
- تملك كميات هامة من القراءة،
- اكتشاف خصوصية المكتوب / الكتابي مقابل الشفوي،
- توضيح قوانين اشتغال النظام البياني.
وتأتي هذه المرحلة في نهاية السنتين الأوليتين للتعليم الابتدائي.
3- مرحلة القراءة الوظيفية والتي تستقطب :
- تملك استعمال كافة أشكال الكتابي (مناهل، كتب تقنية، مجلالت، جرائد ...)
- إعداد الفكر النقدي ...
- تملك القراءة بصوت مرتفع ومختلف أشكالها.
إن بيداغوجية ايفلين شارمو تتمفصل إذن حول اتجاهين كبيرين.
تملك القراءة يمر عبر :
- امتلاك التمايزات الوظيفية بين الشفوي والكتابي
- تعدد وتنوع وضعيات القراء، وقراءة المؤلفات الكاملة
* جان فوكمبير "طريقة إعداد القارئ" 1976
من بين الشروط الأساسية للتعلم، التفاعل مع الكتابي منذ الصغر.
وذلك لا يعني إدخال الكتابي بقوة، بل يكفي تجنب إقصائه تحت دريعة أن الطفل لا يستطيع استعماله في سن مبكرة، بحيث أن إقصاء الكتابي يساهم في استمالة التعلم وتحويله إلى جانب ثانوي وهامشي، من شأن ذلك أن يشجع تلقائيا نوعا آخر من التواصل ... لهذا ينبغي على الطفل منذ السن الثالثة التعود على الكتابي، قبل تعلم القراءة، وعلى الوضعيات التي تدمج الكتابي، وهذا هو الحافز الذي يدفعه إلى التعلم.
ولهذا السبب ينبغي للمدرسة خلال التعليم الأولي العمل على تشجيع واستغلال التعود على الكتابي، الكتابي هو مصدر نشوة، ومصدر الخبر، وذاكرة المجموعة، وتواصل عن بعد ... وفي هذا السياق، إن التعلم سيمارس خصيصا في وضعية، وبمعنى أدق ضمن وضعية قراءة وظيفية : قراءة الملصقات، الجرائد، الألعاب، وإقامة ركن للقراءة كمركز للتوثيق ...
ويظل هدف تدخلات التعليم هو أعمال واستغلال الاستراتيجيات المعدة لهذا الغرض للوصول إلى بناء المعنى. وتدريجيا سيتعلم الطفل التمييز بين الكلمات في تقابلها، ومن تم ينمي تراكم المكتسبات مهارة القراءة لديه ويعيد بناءها من جديد.
* جان هيبرار "من التعبير الشفوي إلى القراءة" (1978)
- المبدأ الأساسي : التواصل
إنه من الضروري وضع الطفل في علاقة مع النص حتى يكون في ترقب معناه، منذ ولوجه إلى عالم اللغة المكتوبة.
وذلك يعني من بين ما يعنيه تجنب التعلم الأولي القاضي بنطق الكلمات المنطلق حسب المنهجية من مجموع كلمات النص إلى المعنى، لأنه ما يبدو في تناقض مع السيرورة الفعلية للقراءة، وهذه الفرضية تطرح علينا إيلاء الاشتغال اللغوي للمتعلم الأهمية الكافية والتي غالبا ما تتجاهلها الممارسة البيداغوجيية التي لا ترى في القراءة إلا جانبها المتمثل في إعادة البناء الصوتي أو المنطوق للجملة.
لهذا السبب فإن بيداغوجية القراءة ينبغي أن تمر عبر استراتيجيات التعاطي مع المعلومات المكتوبة وعلى مستوى المعاني التي تحملها.
وتعلم القراءة هو تعلم وضع الفرضيات، وتعبئة وتنظيم المعلومات التي نتوفر عليها في مجال تجربة النص المقترح قراءته.
وتربويا، يعني ذلك تحفيز ودفع الطفل إلى هذه التعبئة وأبعد من ذلك، عدم الدفع به أمام المهمات المستحيلة بتوجيهه إلى العمل على نصوص تعتبر أجنبية عنه ثقافيا.
بوشتى زايدية
25 يونيو 1999
أجب عن الأسئلة الواردة في صفحة ...؟
نقف هذه المرة عند عادة منافية للتربية، قد تصاحب المدرس طيلة حياته المهنية دون أن ينتبه لجوانبها السلبية، بل اعتقادا منه بسداد رأيه وتفانيه في عمله، فإنه يعمد عند نهاية كل درس، بتكليف التلاميذ - ليس بحفظ أو مراجعة الدرس المنجز فقط - بل بالإجابة عن أسئلة الدرس المقبل، ويكون ذلك في الغالب على شكل أمير لا يتغير منه سوى رقم الصفحة : أجب عن الأسئلة الواردة في صفحة 75 من الكتاب المدرسي ؟ مثلا.
ليس مهما أن نعرف أي كتاب مقصود هنا، إذ قد يكون كتاب التربية الإسلامية أو الاجتماعيات عفوا كتاب التاريخ وكتاب الجغرافيا وكتاب التربية الوطنية، قد يكون كتاب المطالعة والمحفوظات أو كتاب القواعد والتطبيقات أو كتاب الفرنسية أو العلوم بأنواعها أو ...، وقد يكون بعضا من الكل، وقد تكون الكتب جميعها ؟
يعتقد الواحد منا كمدرس بأنه الوحيد الذي كلف التلاميذ بهذا النوع من العمل، فيكلف المتعلم بأربعة أسئلة واردة في صفحة كذا، ويعتقد أستاذا آخر نفس الشيء فيكلف نفس المتعلم بعدد آخر من الأسئلة، وأدعوكم للقيام بعملية حسابية لعدد الأسئلة "التحضيرية" - (بتحفظ) - التي يجب أن يجزها هذا المتعلم لإرضاء جميع أساتذته، كما أدعوكم إلى استحضار الغلاف الزمني الذي سيتطلبه هذا الإنجاز في ضوء إرغامات أخرى يرتبط بعضها بالدراسة نفسها وبعضها الآخر بظروف التلميذ مع اختلاف خصوصيات بين الوسطين : القروي والحضري.
قد نتفق - نسبيا - على ما يصطلح عليه بالأسئلة التحضيرية، لكن لا نعتقد باختلاف اثنين خول ماهية الأسئلة التقويمية التي تختم بها الدروس في الكتاب المدرسي، بل إن هذه الأسئلة نفسها لها ما لها وعليها ما عليها من إيجابيات وعيوب، فهي في بعض المواد تحويل لعناوين الفقرات الأساسية للدرس إلى صياغة على شكل سؤال لا غير.
ثم إننا عندما نطلب من التلميذ أن يجيب عن أسئلة درس لم يتعرض له بالدراسة بعد فإننا لا نمارس التقويم، بل ندفع المتعلم إلى قراءة الدرس والاطلاع عليه والإجابة عن الأسئلة الواردة فيه كتابيا، وسيعتمد التلميذ في الفصل على هذه الأجوبة من أجل المشاركة - بالقراءة الحرفية لما كتبه - حينئذ نكون أمام منزلقات تربوية عدة من أهمها :
* أننا حولنا الأسئلة التقويمة إلى أسئلة تكوينية.
* إننا كلفنا التلميذ بالقيام بعمل من المفروض أن نقوم به نحن كمدرسين.
* أجهضنا الفعل التربوي المنوط بنا والهادف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف من خلال بناء الدرس، وما يتطلبه هذا الفعل من تنويع للعمليات العقلية والفكرية، إلى اختزال كل ذلك في عملية الذكر والقراءة والتذكر لا غير.
* خلقنا طريقة حوارية مغشوشة أو ممسرحة، لا تنم فعلا عن مشاركة إيجابية للمتعلمين في بناء الدرس.
* كررنا الدرس بطريقة نمطية : تهيئا وإنجازا وتلخيصا وتقويما ... وما يرتبط بهذه المراحل من عمليات مرتبط بالقراءة والذكر والتذكر والاسترجاع ...
لذا نقترح إعادة النظر في مثل هذه "الواجبات" وذلك بالتمييز بين الأسئلة التحضيرية الهادفة إلى تشويق التلميذ وتعوديه البحث، وإعداده لفهم محتويات الدروس التي يجب علينا بناؤها وفق منظور تربوي هادف إلى اكتساب المتعلم معارف ومهارات ومواقف من خلال عمليات عقلية وفكرية متنوعة.
علينا أيضا أن نأخذ بعين الاعتبار كثافة المقررات وكثرة ساعات الدراسة وحاجة التلميذ إلى أوقات حرة وظروف التلاميذ في الأوساط القروية خاصة (انعدام الكهرباء وبعد المسافات الفاصلة بين السكن والمؤسسة التعليمية)، علينا أن نتذكر بأن مادتنا مادة واحدة من ضمن أزيد من عشر مواد ...
وعلينا أن نقرأ، بل أن ننجز الأسئلة، قبل أن نكلف التلاميذ بإنجازها لمعرفة درجة صعوبتها وكلفتها الزمنية، وأهميتها التعليمية / التربوية، فالاسئلة المطروحة في "صفحة كذا" ليست هادفة وصحيحية دائما، وقد نستسيغ أن يوجه الأستاذ عناةية التلاميذ إلى إنجاز سؤال معين من ضمن مجموعة أسئلة وفق اختيارات يراها ضرورية، لكن من الشطط أن نستمر في طرح السؤال، أجب عن الأسئلة الواردة في صفحة ...
بوبكر عمراوي

4 يونيو 1999
من أجل اهتمام كبير بالمكتبات المدرسية
إن اهتمام "المحتشم" الذي تبديه وزارة التربية الوطنية وعلى المستوى الرسمي بعالم المكتبات المدرسية في الحقبة الأخيرة - منذ أواخر الثمنينات - لم يأت في فراغ، وإنما أتى نتيجة لمجموع العوامل - الضاغطة - والتي يمكن تسطيرها كما يلي :
* التغييرات التي عرفها العالم بالنسبة للجانب المعرفي / العلمي.
وخاصة في الجانب التربوي / البيداغوجي.
* متابعة هيئة الأمم المتحدة من خلال الدراسات السوسيوثقافية لمستوى تفشي الأمية بمفهومها الحديث، وكذا صرف المنح والتبرعات الخاصة لهذا الغرض للدول الأعضاء داخل المجتمع الدولي.
* السنة الدولية للمكتبات المدرسية ودورها الفعال في تطوير العملية التعليمية التعملية، وفرض أساليب التشجيع كالتباري لأحسن مكتبة مدرسية.
* فرض نظام وتسيير وتنظيم المكتبات المدرسية، حتى تساير التطور المعرفي - العلمي - في صبغة مذكرات.
* بزوغ وشروع "المؤسسة" أو ما يسمى بالتجديد التربوي والذي أدخل المكتبات المدرسية من أجل إخراجها من الأسلوب والممارسة القديمة (كراء المقررات المدرسية التي في بداية كل موسم دراسي وإرجاعها مع نهاية الموسم) لتحويلها إلى مراكز للتوثيق، والتكوين والاتصال.
Centre Documentation - Information et communication C.D.I.C
إلا أنه ومن خلال التجربية الطويلة ما تزال الأمور لم تأخذ ترجمتها مأخذ الجد بحيث ظلت مكثفة بالشكل دون المضمون، فالمكتبات المدرسية هي موجودة كاسم ومذكرات وتنظير ليس إلا.
فإذا أخذنا على سبيل المثال الأساتذة الذين يعملون بالمكتبات المدرسية - وجلهم أساتذة من مختلف المواد) لهم صفة التكليف بالعمل بالمكتبة بشكل مؤقت رغم أن العمل الذي يقومون به لا يبعد عن عمل القيمين بالمكتبات والمسطر في النظام الأساسي في الخانة الخامسة من الهيئات التعليمية لوزارة التربية الوطنية. فهم نتيجة وضعيتهم كمكلفين من طرف النيابات التعليمية - وبموافقة المفتشين على المكتبات المدرسية - قاب قوسين في كونهم أساتذة احتياطيين - أي على أن يكونوا مستعدين في أية لحظة للعمل في القسم - وكونهم يمارسون مهماتهم كتقنيين على المكتبات المدرسية. رغم أن الوزارة قد أوجدت مؤطرين للتخصص في مراقبة تسيير المكتبات المدرسية طبقا للمذكرات التي ينعتها في هذا الشأن، مع إعداد أيام تكوينية وتربوية خاصة بشؤون المكتبات المدرسية والتنسيق في هذا الغرض مع المكتبات الأجنبية للاستفادة من خبراتهم والقيام بزيارات التفتيش وكتابة تقارير في ذلك، إلا أن كل هذه الجهود - الفردية - المبذولة من طرف المؤطرين، وكذلك من طرف المكلفين بالمكتبات المدرسية هي تبقى في آخر المطاف كطلاء من المساحيق في الواجهة ليس إلا، نظرا : لقلة الإمكانيات إن لم نقل انعدامها، من جهة ومن جهة أخرى التعامل الاستخفافي من طرف رؤساء المؤسسات التعليمية، وبعض بيادق الأجهزة الرسمية.
فمتى تتخلى الأجهزة الرسيمة عن عملية الهزل والدخول بعالم المكتبات المدرسية لساحة الجد إذا كنا غيورين بالفعل لملاحقة التغيير، والقفز بالمكتبات المدرسية فعلا إلى مراكز للتوثيق والتكوين، والاتصال ؟! خاصة إذا أدركنا الدور الذي يمكنه أن تلعبه المكتبة المدرسية بالنسبة للتلميذ - إذا وظفت أحسن توظيف وأصبحت فضاءا تعليميا له قيمته وشخصيته المستقلة ؟؟
سكرتارية التحرير
4 يونيو 1999
الطفل / التلميذ والكتاب ... أية علاقة ؟
إن الطرق التربوية الحديثة خاصة في أروبا وبلدان الأنجلوساكسونية أصبحت تعطي العناية الكبيرة بالطفل على مستوى التعلم والتكوين، والعمل على إنماء شخصيته، أكثر من أي فئة اجتماعية أخرى، لكون الطفل أولا أساس القاعدة الهرمية للمجتمع، وثانيا فعلى عاتقه ستؤول إليه - مستقبلا - أمور تدبير وتسيير شؤون المجتمع في كل مكوناته.
وانطلاقا من هذا، ومن باب الغيرة على أطفال هذا البلد العزيز، والذي يكبر حلمنا فيهم كلما تقدمت بنا السنين، حتى لا يسقطوا فيما نحن نحزم اليوم بعد أن اغتصبت طفولتنا، تأتي هذه المساهمة البسيطة، وهي تأخذ جانبا آخر والذي غدا مهمتنا - إن لم نقل منعدما - في حياة الأطفال، وهو علاقة الطفل / التلميذ بالكتاب ؟! ففي أي طفل من شرائح الأطفال الاجتماعية ستجدد مصير هذه المقالة ؟ وعن أي كتاب ستجدد حديثنا ؟ هل هي كتب المقررات ؟ المتعلقة بالدروس، أم الكتب التي لها أو ذات الطابع الترفيهي - التثقيفي ؟ ثم ما هو الأسلوب البيداغوجي، أو السلوك النمائي لإعادة توطيد هذه العلاقة وتطويرها داخل فضاء وآليات وميكانيزمات هذا المجتمع ؟ أم أننا أصبحنا مستغنيين عن الكتاب أمام عالم الكمبيوتر، والانترنيت، في مجتمع ترتفع فيه الأمية إلى أكثر من 60% بين سكانه ؟!
1- وقفة لابد منها أو عن أي طفل / تلميذ ينصب حديثنا ؟
إن الاهتمام بالطفل وكل ما يرتبط به، لكونه المحور المركزي - الذي يشع الكون الصغير والكبير منه - سواء أكان هذا الاهتمام في المجال التربوي أو الثقافي أو الترفيهي ... الخ لكونه في آخر المطاف إنسان المستقبل ؟ فإذا أخذنا وعلى سبيل المثال الدول الديموقراطية أو التي تنعت بالتقدمية، فإننا نجد أن الطفل هناك يندمج في المجتمع وفي كل آلياته في الجانب القانوني والتربوي والحقوقي بالإضافة إلى مؤسسات كمحاكم خاصة للأطفال وبرلمان وجمعيات. وحتى لا ننبه كثيرا تبقى في حدود وطننا العزيز، فالكلام عن الطفل يستدعي طرح السؤال عن أي طفل يكون كلامنا ؟ خاصة إذا انطلقنا من القاعدة الهرمية الديموغرافية للمغرب، سنجد أن قاعدة عريضة جدا مما يؤكد على فتوة المجتمع وحيويته فنسبة الأطفال تصل إلى أكثر من 100% غير أن نسبة الأطفال التي لها علاقة سوية مع الكتاب لا تتجاوز 20%، بمعنى أكثر من 80% من الأطفال أما في حالة أو خانة المتشردين أ في خانة المحظوظين أو في خانة المتسكعين أو في خانة الذين يعملون في عدة قطاعات أو مهن أو أوراش عمل ... الخ.
والذي يهمنا في هذا الموضوع وعدم السقوط في السباحة الحرة، هم المحظوظون لكونهم يتمدرسون أو ينتمون إلى أسر فقيرة أو متوسطة الدخل، كما أن أغلبها يعيش في أحياء شعبية أو على هامش المدن الكبرى. أما إذا أخذنا المسألة على المستوى الحضري والقروي، أو على مستوى المناطق "النافعة" و"غير النافعة" فسوف نجد الهوة كبيرة مدعا للسخرية / الكوميدية، في الوقت الذي يوشك فيه العالم الأشراف على القرن 21.
فأي طفل نريج طرحه في هذا الموضوع ؟ فهل هو طفل البورجوازي الكبير (الناهب الكبير ذلك أن المفهوم في بلادنا لا يقابل البتة المفهوم في البلدان التي نشأت فيها وعلى جميع المستويات خاصة "العقلية") ؟ أو طفل الفلاح الكبير (الإقطاعي / العصري)؟ أو طفل الفلاح الصغير (الخماس/الكساب) ؟ أو طفل الموظف ؟ أو الكادح ؟ ولابد لنا من التساؤل عن الطفل المحظوظ داخل الأسرة، ها هو المأمن عن حياته ؟ أوعلى مستوى عيشه ؟ أو على مستوى المسكن ؟ أو على مستوى تعليمه وتربيته ؟ ذلك حتى يمكننا التوقف عند الطفل الذي لاحظ له من هذا كله، حتى حق انتسابه إلى أبويه أو إلى وطنه ؟ وبين ذلك وذاك حالة الطفل المتشرد والطفل العامل المحروم من كل شيء حتى حقه في الحياة والوجود ؟!
قد أثير غضب البعض في أن الموضوع الذي بين أيدينا هو ("نخبوي، فالمتتبع للعملية التعليمية / التعلمية وفي مراحلها المتطورة والتي تلتقي مع العرض في بعض جوانبه إن لم نقل في كليته، والسؤال المركزي : فماذا نريد من الطفل / التلميذ أن نلقنه ؟ هل أخلاق المجتمع (التابثة / المقدسة منها أو المتغيرة) ؟ أم نريد أن نلقنه كيفية تعامله مع المعلومات / المعارف بعد تلقينه تقنية القراءة والكتابة ؟!
إذن من خلال ما سبق يتبين لنا أن الطفل / التلميذ المغربي الذي ينصب عليه هذا العرض ليس الطفل الأكثر حظا أو كما يقول المثل المغربي "اللي ولدتو أمو في خرقا بيضا" وليس الأسوء حظا، أي ذلك الذي انفتحت عيناه على البؤس والحرمان والشقاء والبحث عن قوت عائلته. بل الطفل المتوسط حظا - إن كان مقبولا على مستوى الصياغة / التعبير - ينتمي إلى أسرة، ويرتبط مباشرة بالمدرسة / بالقراءة والكتابة أي بشكل عام بالمؤسسة التعليمية، وحين نتكلم عن المؤسسة التعليمية لا بد من الفصل أو الميز بين المؤسسة التعليمية "النموذجية" (لا على مستوى الانضباط والمنهجية الدراسية والنظام العام، بل حتى على مستوى الأنشطة الإشعاعية التي تنمي شخصية الطفل / التلميذ بغض النظر عن أنشطة المناسبات - التي تموت في حينها وتشوش على شخصية الطفل / التلميذ بدل من تقويمها وتطويرها نظرا لطابع البهرجة فيها - بل الأنشطة التي تبدأ مع العملية التعليمية / التعلمية، وتكون فيها متابعة في عدة مجالات معرفية ضائية : كالمسرح، والرقص، والشطرنج، والموسيقى، والمسابقات الثقافية، والخرجات الاستطلاعية، والكتابات الإبداعية ... الخ وهذا هو ما يدخل في مشروع المؤسسة). أما بالنسبة للمؤسسات الغير محظوظة والبعيدة عن أن تكون "نموذجية" أو تحقق ولو بصيصا من مشروع المؤسسة، لكون العملية التعليمية / التعلمية في هذه المؤسسات تفتقر إلى العديد ليس على مستوى المنهجية، والانضباط بل حتى على مستوى الأنشطة الإشعاعية / الثقافية، وبالتالي يسقط الطفل التلميذ ضحية هذا الميز، خاصة الأطفال الشبه المحظوظين في هذا المجتمع والذين يشكلون أغلبية في الهرم السكاني.
2- عن أي كتاب يأتي سياق هذه العلاقة التركيبية ؟
قبل الغوص في البحث والمفارقة التي تأتي في سياق هذه العلاقة لابد من الوقوف ولو بشكل موجز عن الرؤية التاريخية للكتاب. وتجدر الإشارة هنا لقولة : سيفن دال في كتابه "تاريخ الكتاب" (إن نشأة الكتاب ترجع إلى أكثر من خمسين ألف سنة، ولم يبق من تلك الكتب إلا القليل نتيجة المواد المكتوبة بها والمصنوعة منها) إن طبيعة شكل الكتاب قديما كان بمثابة ورق ملفوف (كأوراق البرد مثلا) وما تزال جامعة ليبترغ الألمانية منها والتي يبلغ طولها عشرون مترا.
كما استعمل المصريون القدماء ساقا من البوص المتطرقة بماء حبر لا يمحى تتكون أساسا من الفحم الخشي والشانوج. بينما في العراق استعمل البابليون الصلصال، وكان من العادات القديمة أن يحفظ الكتاب في المعابد والقصور في داخل القارورات وقد تم اكتشاف هذا بمكتبة الآشوريين (بنبال) من طرف الإنجليزين ليارد ورسوود سنة 19850 تدل كلمة "الكتاب" في القاموس اليوناني ب "بليوس" وفي القاموس الروماني ب (ليبر) والتي تعني "الكتاب" أو لحاء "الشجر" كما أن مرحلة التجليد المعروفة بمرحلة اللوائح والصحائف فقد ظهرت مع استغلال جلد الماعز والغنم في آسيا وفي الصين تم اختراع الورق الحالي وذلك سنة 105 م ومع الفتح الإسلامي في تلك المناطق حيث تمت عملية تطوير واختراع الورق في عهد الخلفاء الراشدين، ولم يظهر في فاس بالمغرب إلا في سنة 1100 م.
ومع القرن الرابع عشر (14) وانطلاقا من التغييرات التي بدأت تعرفها أروبا تمت عملية الزخارف وصناعة الرسوم والتذهب (كالخطوط المذهبة). وتأتي النهضة الأوروبية تم جمع المخطوطات من طرف الباحث الفرنسي : بيتراك الملقب ب (أبو المكتبات) ومنذ ذلك الحين أصبح الكتاب ومقياسه، وعنوانه، وترقيم الصفحات، والفهرسة، والطبعة، وتاريخها، والبلد، بالإضافة إلى اسم المؤلف والمترجم ... أضيفت إليها بعد اختراع آلة الطباعة المتطورة عن طريق الثورة الإلكترونية تقنيات أخرى كالترقيم الدولي والتصنيفات العالمية.
فالكتاب يحمل أو يجمع بين كونه إنتاجا فكريا / فنيا، وبين كونه دعامة لتغذية الفكر وتطويره، متصل أو - إن صح التعبير - أحد عناصر التواصل كوسيلة معرفية وإعلامية مرتبط بجمهور يغلب عليه الفضول (العلمي والمعرفي) أو الرغبة في التعرف على محتوى الكتاب وهي من غرائز الإنسان منذ القديم. ويدخل في هذا النطاق الطفل / التلميذ. فالفقراء - بالنسبة للكتب - محال خصب وشاسع لا حدود له في أي زمان ومكان، والقراءة قبل كل شيء سلوك تربوي أني قبل أن تخضع لأساليب مناهج التعليم / التعلم.
وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى المفارقة بين الكتب التثقيفية / الترفيهية، وبين الكتب المدرسية (المقررات). ذلك أن المذكرات الوزارية والتي ترددها المراقبة التربوية، وباعتباره وسيلة تعليمية تساعد على إثارة الأسلئة أو النقاش / الحوار أثناء عرض محور الدرس كما أنها توظف في عملية التقويم. ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة وظفية الثن / البيداغوجي بل فقط كإشارة توضيحية لما تكتسيه الكتب المدرسية. أما بالنسبة للكتب التثقيفية / الترفيهية فإنها تأخذ طابع الاختيار الحر، وهنا تأتي الخطورة والصعوبة، ذلك أنه كانت كتب المقررات تتسم بالمحدودية أو القصور المعرفي نتيجة الهدف البيداغوجي المحدد لها في السنة الدراسية الموضوعية من أجله. بينما الكتب التثقيفية / الترفيهية فهي تقابل باللامبالاة نتيجة غياب السلوك التربوي لها كالتعود عليها إما عن طريق البحث أو الدراسة والتعمق في كل ما يهتم به الفرد، بالإضافة إلى غياب التوجيه العلمي / العقلاني ونحن بالخصوص هنا نناقش الطفل / التلميذ وهنا تكبر الخطورة والصعوبة حين يرتبط بالوسط الذي يتواجد فيه أو يعيش فيه، وكذا الكيفية التي يتعامل بها في هذا الوسط مع الكتاب (التثقيفي/ الترفيهي)، والخطورة تكمن في غياب المتابعة لعالم المعرفة - ولو على سبيل الإشارة بدل التوجيه - لكونه أي عالم المعرفة دوما في تزايد مستمر، بأضعاف ما يعيشه الإنسان، أو بمعنى آخر انعدام ملاحقة التطور المعرفي العلمي العالمي، ولابد هنا من الإشارة إلى عامل الإمكانيات المادية الشبه المنعدمة إن لم نقل منعدمة البتة.
3- لابد من البحث في بناء آليات إعادة هذه العلاقة، الطفل / التلميذ ... الكتاب
إن التطور اللامتكافئ للمجتمعات المتخلفة / النامية - كما الحال للمغرب - يجعل جانب الاهتمام بالمجال المعرفي / العلمي / الثقافي والفكري يأتي في المرتبة الأخيرة، ويظهر جليا من خلال الميزانية العامة والمخصصة لهذا المجال الواسع العريض. وهذا بالطبع يعكس النظرة - الرؤية - الاستخفافية / الاحتقارية / التصغيرية لهذا العالم المعرفي، والذي بدونه لا يمكن أم يحصل تطور فعليا أو أن يعيش المجتمع في ديموقراطية فعلية حقا. وهذا ينطبق على موضوعنا الحي الآني. فنظرة الاستخفاف / الاحتقار في جميع المؤسسات وآليات المجتمع : ففي البيت مثلا لا وجود لميزانية تخصص للأبحاث الفكرية والانتاجات العلمية ولو على سبيل التعود والاستئناس، وتبقى الكتب المدرسية ضرورية ولكنها موسمية، ترتبط بكل موسم دراسي، وفي حالة لم يبق في البيت أحدا يتابع الدراسة، فإن الموسمية تنحى ويكاد البيت حينها - نتيجة الأزمات - أن يتحول إلى زاوية للعبادة أو محل للمتاجرة في (الخمر، المخدرات، الجنس، الخياطة، الطبخ، السجائر بالتقسيط ... الخ) أما على المؤسسات التربوية فإننا نجد الميزانية المخصصة لاقتناء الكتب لا تتجاوز ألف درهم (1000 درهم) والتي كانت تفوق وإلى حدود السبعينات ألفين درهم (2000 درهم) - والكلام هنا بالطبع يخص الكتب الترفيهية / التثقيفية - بالنسبة للمؤسسات التي تتوفر على مكتبات مدرسية، بل إن التعامل مع المكتبات المدرسية من طرف بعض المؤسسات هو الآخر غالبا ما يشوبه القصور إن لم نقل الاستخفاف، ليس من طرف الطاقم الإداري بل والطاقم التربوي كذلك - إن هذا الكلام هو موجه بالأساس إلى التعليم الأساسي بطوريه الأول والثاني - .
فبدل العمل على تشجيع الأطفال / التلاميذ بالتوافد على المكتبة بشكل طوعي وليس بشكل إجباري / إكراهي، لابد هنا من إدخال عامل الاقتناع، أي يدخل في هذا الصدد مبدأ الاستيعاب لهذا السلوك التربوي في محتواه الكلي وفي طيات العملية التعليمية / التعلمية، أو عن طريق تخصيص بعض الساعات الأسبوعية من ضمن الساعات الفارغة في استعمال الزمن الدراسي : للمطالعة أو اقتناء / استيعارة الكتب أو المشاركة في الأنشطة الإشعاعية الخاصة بالمكتبة (أوراش العمل في الكتابة الإبداعية أو تكوين ملفات تتعلق بموشوع معين أو التنشيط لعرض ثقافي أو سينمائي ...).
إل أننا نجد أن أغلب الأطر تنحى منحى آخر هو توظيف المكتبة المدرسية كقاعة الانتظار - في حالة تأخر الأستاذ أو تعطله عن العمل - وهذا السلوك يعكس صورة ومفهومها مشوهين للمكتبة المدرسية، ودورها في مجال العلمية التعليمية / التعلمية بشكل عام، والتي هي في الأخير تعبير عن المفهوم السائد في المجتمع والذي هو تهميش الكتاب في علاقته مع الطفل / التلميذ.
وفي حقيقة الأمر أن الطاقم التربوي بما في ذلك أساتذة ومدرسين قليلا - هذه القلة تكاد تنمحي - ما يتوافدون على المكتبة المدرسية، كفضاء معرفي / ثقافي / علمي، بل كذلك عدم تشجيعهم للتلاميذ على هذا السلوك. والجميع يتذكر هذا الدور الذي يقوم به رجل التعليم قديما، عن طريق إنشاء مكتبة القسم، والتي كان يحرص عليها شديد الحرص في تداول كتبها بين التلاميذ، بالإضافة إلى العروض والأبحاث والتي كان يقوم بها التلاميذ في المكتبات العمومية، والمكتبات التابعة للمراكز الثقافية الأجنبية.
فلا يمكن أن نلوم الطفل / التلميذ في العلاقة المهمشة بينه وبين الكتاب، بل أن اللوم كل اللوم يرجع إلى أجيال أمس والذين هم المخططون لمناهج الإصلاح من أجل مواطن المستقبل !! والذي أصبح يعيش حالات الشتت والقلق، ولأن مستقبل أي مجتمع هو ما يبنى بالأمس واليوم، ليس في الجانب الاقتصادي فحسب، بل كذلك في البنيات الفكرية / المعرفية / الثقافية.
وانطلاقا مما سبق، وحتى يتم إعادة بناء علاقة صحيحة وصحية بين الطفل / التلميذ ... والكتاب، لابد من إعادة النظر في جميع السلوكات والطرق التربوية، خاصة تلك التي لا صلة لها بالواقع في المحيط الاجتماعي، إن الصمود / التطور المصطنع لا يمكن إلا أن يؤدي إلى الهاوية أو السقوط السريع، وذلك لأنه ينبني على قاعدة صلبة أو أدراج فولادية. ويمكن تطبيق هذه القاعدة في القطاعات الحيوية والتي يعشها مجتمعنا، والتي غالبا ما تطرح تحت غطاء - الأزمة - في عموميتها. فالطفل / التلميذ وفي آخر المطاف إنسان المستقبل ؟ فالعلاقة الصحيحة / الصحية تبدأ من إعادة الاعتبار إلى الجانب المعرفي / الثقافي / الفني / العلمي / الفكري بل وإن يدافع عن هذا الاعتبار ب :
- تأسيس أعراف وتقاليد جديدة
- العمل على خلق صالونات ثقافية / فنية / فكرية.
- بناء مسارح ودور للأندية السينمايئة
- توظيف المكتبات العمومية الكبرى، وكذا المكتبات المدرسية للتنشيط الثقافي / الفني / الفكري.
- تشجيع الجمعيات التي تهتم بعالم المعرفة والبحث العلمي.
إن هذه السلوكات وأمثالها سوف تقتضي على الأمثال والسلوكات الساقطة، وتدفع بنا إلى تشجيع الطفل / التلميذ - بدءا منا - باعتباره إنسان المستقبل، على القراءة والكتابة (الإبداع)، لكون هذه المثابرة تدفع لتعلم ما كان يجهله وقديما قيل : "تعلم الأشياء خير من جهلها".

مكتفي العربي
الأستاذ القيم على المكتبة المدرسية مريم الفهرية

4 يونيو 1999
هل يمكن أن نقفز بالمكتبة المدرسية إلى مركز التوثيق والتكوين والاتصال ؟
نظرا للعلاقة التي أبرزناها بين المكتبة ومركز التوثيق، وكذا الأعمال المتراكمة في المكتبة المدرسية - حسب المذكرة الوزارية 199 - تستدعي إقامة وتأسيس نظرة علمية له إن على مستوى النهج أو على مستوى التطوير من آلياتها ذلك لكون المكتبة المدرسية :
أولا : لها دور في العملية التعليمية - إن لن نقل - لها ارتباط وثيق بها خاصة إذا نظر إليها من زاوية : المعلومة - نقل - استيعاب - التلميذ - نقل - استيعاب؟
المعلومة - نقل - استيعاب - المدرس
المعلومة - نقل - استيعاب - المدرس - نقل - استيعاب - التلميذ - نقل - استيعاب - المعلومة - المدرس - نقل - استيعاب - المعلومة ... الخ.
فالنظر إليه من زاوية تداخل بين المعلومة والمستفيد منها.
ثانيا : وليس أخيرا لكون المكتبة المختبر المعرفي للتلميذ والمدرس معا إلا أن الطريقة المطلوبة هو أن يستطيع كل منهما الوصول إلى المعلومة المراد بحثها بنفسه، وهذا يستدعي معرفة النظام الذي تسير عليه المكتبة وكذلك التقنيات التي تتوفر عليها المكتبة من فضائلها، إلى القانون المنظم لها.
على مستوى القاعات :
لابد أن تتوفر المكتبة المدرسية على القاعات التالية :
* قاعة خاصة بالمطالعة : وهي مواصفاتها أن تكون شاسعة وفضاءه ويدور فيها الهواء، عبر نوافذ وستائر للنوافذ لاتقاء حرارة الشمس، وجود كراسي وطاولات (انظر نموذج 1 و 2). بالإضافة إلى أن جدرانها أن تكون خزانة بلوحات فنية (خاصة إذا كانت من أعمال التلاميذ - وسبورات تحمل إعلانات وأخبار عن الأنشطة التي تقوبم بها المكتبة والمدرسة، والمدينة وأهم البرامج التلفزية ذات طابع ثقافي تربوي وثقافي - بالإضافة إلى آلة تسجيل لتوظيف الموسيقى الهادفة.
كما توجد فيها : حاملة لخزانة الفهرس البطاحي (نموذج رقم 3) مع ودود صندوق الإعارة (نموذج رقم 4). وحاملة للمجلات (نموذج رقم 5) وحاملة للكتب (نموذج رقم 6) بالإضافة إلى صناديق خاصة بالسجلات، وصناديق خاصة ببطاقات التلاميذ (نموذج رقم 12).
بالطبع مع وجود مكتب خاص للمكتبي - أو المشرف على المكتبة.
* قاعة خاصة بأشرطة الفيديو مع وجود تلفاز وجهاز فيديو، وكراسي بالإضافة إلى جهاز الصرو الثابتة مع وجود حاملة للأشرطة وأفلام الصور الثابتة كما توجد ألعالب الالكترونية، ولعبة الشطرنج ... الخ.
* قاعة خاصة بالكتب : وهي تخضع لعدة قواعد :
فعلى مستوى الرفوف أن تخضع لمقاييس محددة كما موجود في (نموذج رقم 7) على أن تكون مصنفة حسب المواد. حسب المواد المنصوص عليها النظام العشري لجون ديوي (انظر نموذج 13).
وعلى الرفوف توضع إشارات أو علامات المادة الرئيسية وجمع فروع المواد التي ننتمي إليها بعناوين وأرقام تصينفاتها. حتى يسهل على المستفيد الوصول إلى غايته.
وبخضع الكتاب الذي يدخل إلى سجل الكتب (أربعة سجلات). اثنان بالعربية وآخران بالفرنسية، أحد الاثنين : خاص بالقرارات الوزارية، والآخر، خاص بالكتب الترفيهية أو التثقيفية.

أبو بهية


4 يونيو 1999
ملاحظات بصدد الامتحانات المدرسية
ليس من اليسير الخوض في إشكالية الامتحانات المدرسية باعتبارها موضوعا معقدا وشائكا يفترض إجراء بحث ميداني معمق للموضوع ويستلزم استحضار مجموعة من المعطيات واستنطاق جملة من المصادر والوثائق التي ترصد هذه الظاهرة ومع ذلك سأحاول في اختصار كبير بسط بعض الملاحظات البسيطة حول هذه الظاهرة باعتبار أهميتها وحساسيتها الظرفية.
يعيش الموسم الدراسي 98/99 أيامه الأخيرى إذ لم يبق في حياته سوى أيام معدودات حيث من المفترض أن تنطلق الامتحانات والاختبارات والفروض في كل المؤسسات التعليمية على امتداد الجغرافية الوطنية وفي جميع المستويات وعلى صعيد كل الأسلاك وإذا كانت هذه العمليات تجري في أجواء عادية في المستويات غير النهائية في التعليمين الأساسي والثانوي فإنها لا تعرف نفس المصير في الأقسام النهائية (التاسعة) في الأساسي الثاني (الثالثة) في الثانوي.
وإذا كانت مؤسسات السلك الثاني من التعيم الأساسي قد تخلصت نهائيا من عبء امتحان الدخول إلى السابعة التي كانت تشرف على تنظيمه في متم كل سنة دراسية بعد إلغائه حيث كان يمر في أجواء غير طبيعية وتشوبه عيوب لا حصر لها وما كان يسببه من إهدار كبير للجهد والمال والزمان وإذا كنا نعتبر إلغاؤه قرارا صائبا وشجاعا فإن مشكل الامتحانات في مختلف مستويات التعليم لازال قائما ويفرض إعادة النظر في آلياته ووسائل تصريفه وإعداده وإجرائه.
إن الامتحان الموحد بالنسبة للسنة التاسعة أساسية التي أصبحت مخلفاته تؤرق المربين والمتعلمين والآبتاء على السواء باعتبارها تعرقل مسيرة التلميذ المغربي وتضع في طريقه حواجز إقصائية تمنعه من إكمال دراسته وترمي به إلى محيط البطالة وعالم اليأس والتعاسة والانحراف في مراجعة تكون الغاية منها فسح المجال أمام أبنائها لإتمام مسارهم التعليمي وعدم تحديد نسبة النجاح والتحكم في حجم الانتقال إلى الثانوي بناء على المعطيات التقنية المعدة من طرف الخريطة المدرسية.
إن تحكم الخريطة المدرسية في الانتقال بالمدرسة الأساسية والثانوية والسماح للتلاميذ بالصعود إلى المستويات الأعلى رغم ضعف نتائجهم وعدم حصولهم على المعدل الممكن من ذلك يؤثر سلبا على قيمة التعليم ويراكم النقص في التحصيل الذي غالبا ما يصعب تداركه وينعكس ضرار على مستوى نتائج امتحانات القسمين النهائين بالأساسي الثاني (التاسعة) والثانوي (الباكلوريا) حيث يكون حجم النجاح دون المستوى المطلوب.
إن اعتماد سياسة المهم الانتقال وليس التحصيل من الأسباب الأساسية في تدني المستوى التعليمي والمعرفي عند التلميذ المغربي فإذا كان يدرك مسبقا أنه سيتقل من مستوى لآخر بت 6 على 20 مثلا فلماذا يجهد نفسه في الحفظ والتهييء وغيرها من العمليات الأخرى ما دام النجاح مضمونا بأقل مجهود ؟
- نتائج البكالوريا وتكافؤ الفرص
وقفنا على الآثار المدمرة لمنطق الانتقال هو الأهم بدل الانتقال "يأتي بعد التحصيل المعرفي والمهاري المؤهل لذلم رأينا كيف يتسبب هذا المنطق في إيقاف طموح فلذات أكبادنا في مواصلة مسيرتهم الدراسية ويقصيهم من المجال المدرسي نتيجة عدم قدرتهم على مواكبة الحركة التعليمية في غياب الحصيلة المعرفية المناسبة الضامنة لذلك والمؤهلة لاجتياز عقبة الامتحان الموحد في القسم التاسع أساسي.
وننتقل الآن لطرح إشكالية جديدة أصبح الفضاء التعليمي الوطني يعاني منها وهي نتائج البكالرويا وتساوي الفرص. لا شك أن الكثير من الناس لا يعرفون العلاقة الوثيقة بين معدلات البكالوريا باعتبارها مقيسا لولوج الكثير من الكليات والمعاهد والمدارس العليا ومراكز التكوين التابعة لقطاع التعليم وغير ........... عندما يصل أبناؤهم إلى هذا المستوى ويأخذون .................. البحث عن مقعد في هذه الكلية أو تلك وفي هذا المعهد أو ذاك فيصطدمون بواقع من يرحم أبناءهم من .................... واخيارهم لنوع التعليم العالي الذي يريدونه.
إن نظام الباكالوريا الحالي الذي أصبحت ........................ اختباراته على مراحل ويعتمد في تحصيل معدل ............................. جمع معدلات السنوات الثانوية الثلاث حسب تتدرج نحو الارتفاع من مستوى لآخر والذي ....................... تسرف على تنظيمه الأكايديمات المتشرة في ........................ البلاد أصبح هو الآخر قضية في حاجة إلى .................... جذرية نظرا لما يخلقه من مشاكل خطيرة ...................... متاعب للكثير من تلاميذتنا - إن اختلاف ......................... الامتحانات وتفاوت مستوياتها من حيث ............................ والسهولة من جهة لأخرى يترت عنه تباين .................... أكاديمية لأخرى فتكون هنا مرتفعة وهناك ................. وهناك متواضعة، وقد يؤدي ذلك إلى حرمان ................ تلاميذ جهة ما من الالتحاق بالكلية أو المدرسة ............... يرغبون فيها لعدم توفرهم على المعدل المطلوب ............... ويزداد الأمر خطورة عندما لا يقبل تلاميذ منطقة ................. من الدخول إلى مركز تكوين المعلمين في جهتين ................... المنافسة على الدخول تكون وطنية ويتولى ................... الاختيار اعتمادا على نقط معينة فأين نحن من .......................... تكافؤ الفرص ولماذا يحرم تلاميذ جهة بكاملها ....................... الالتحاق بكلية الطب أو الهندسة أو غيرها في ............ الذي تخصص نسبة مئوية للبكالوريا الأجنبية قيد أو شرط ؟

محمد العسري

17 يونيو 1999
بصدد امتحانات البكالوريا
امتحان التعليم في قلب امتحان المصير
انطلقت أمس امتحانات البكالوريا لدورة يونيو 1999، التي تتعلق بأقسام السلك الثانوي. ويبلغ عدد المترشحين 452921، منهم 405217 بالتعليم العمومي و 1385 بالتعليم الخاص و 46319 من غير المتمدرسين الذين يشكلون فئة خاصة بالامتحان النهائي للسنة الثالثة (شهادة البكالوريا).
ومن حيث المستويات، هناك 169557 في السنة الأولى، و 129574 مترشحا في السنة الثانية، أما السنة الثالثة فيوجد بها 153790 مترشحا.
وتجدر الإشارة إلى أن امتحان السنة الثالثة تتقدم إليه فئة من التعليم الخاص، تضم 386 مترشحا.
كذلك بالسنة الثالثة دائما، وفيها يخص الشعب، يتوزع المترشحون كما يلي :
حوالي 50 ألف بشعبة الآداب - حوالي 43 ألف بالعلوم التجريبية - حوالي 6 آلاف بالعلوم الرياضية، ويحتوي التعليم التقني على أزيد من 6500 مترشح، فيما يوجد حوالي 1500 مترشحا بالتعليم الأصيل.
إن الرقم الذي يمثل العدد الإجمالي للمترشحين لامتحانات البكالوريا، بمختلف مستوياتها وشعبها، لا يشكل بطبيعة الحال نسبة متقدمة، بالمقارنة مع أبناء المغرب الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى هذه المرحلة من التعليم، وخاصة منهم الذين لم يعرفوا عملية التمدرس أو انقطعوا مبكرا عن المتابعة لهذا السبب أو ذاك.
وبالإضافة إلى ذلك، وإذ يتقدم حوالي أربعمائة ألف مترشح لامتحانات الباكالوريا مستوياتها الثلاثة، فإن هذه الامتحانات تجري في ظل واقع تعليمي معبر عن فشل السياسة التي انتهجت في هذا المجال وهي مرتبطة طبعا بالسياسة العامة والاختيارات التي حكمتها. وإذا كانت هذه الاختيارات قد أفضت إلى الفشل في الميدان التعليمي، فإنها تسببت كذلك بشكل كبير في العجز عن ضمان الشغل للشباب سواء منهم المتخرجون من الجامعات والمعاهد العليا أو الذين اجتازوا مراحل تكوينية بمعاهد التكوين المهني أو الذين لفظتهم المدراس والثانويات دون أن يجدوا اهتماما بحالاتهم.
هذا هو الواقع الذي تواجهه الأجيال الصاعدة، ومعها الآباء والأمهات، الذين ينفقون الكثير على تعليم أبنائهم، ويعانون في سبيل ذلك الشيء الكثير، وإذا ما أسعفهم "الحظ" في بلوغ الهدف، يجدون أنفسهم أمام خيبة أمل، بسبب انسداد آفاق المستقبل.
وعلى الرغم من ذلك، لا خيار للمواطنين سوى أن يعملوا على تعليم أبنائهم. فهذه المعركة معركة حقيقية وكبرى، وتقتضي مشاركة الجميع.
غير أن معركة تعليم الأبناء وإصلاح التعليم لا يمكن فصلها عن معضلة الإصلاح الشامل التي ينبغي حلها من أجل إقرار حقوق المواطن وتمكين البلاد من التقدم.

29 يونيو 1999
في ظل غياب اعتماد مالي خاص بها
تدريس مادة الفنون التشكيلية في بعض
المؤسسات التعليمية
أقدمت بعض النيابات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية على تدريس مادة الفنون التشيكيلية في المؤسسات التعليمية التابعة لها وخاصة في الطور الثاني من التعليم الأساسي وعيا منها بدور التربية التشكيلية في التكوين الجمالي والتأهيل النفسي والوجداني والتأهل للانخراط في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، واكتشاف الذات وقدراتها وطاقاتها بواسائل تشكيلية بل واستغلال تلك الطاقات وخلق مجالات لإفراغها وإعلائها وكسب القدرة على تحسينها وتصحيحا.
إلا أن تدريس هذه المادة يعاني من عدة مثبطات التي تحول دون تحقيق أهدافها الجمالية والفنية والمهارتية ومنها غياب اعتماد مالي خاص بها، علما أنها مادة تحتاج إلى الكثير من اللوازم في تدريسها من ريشات وصباغات وأوراق وأقلام ... بالإضافة إلى ضعف المعامل مما يجعل المتعلم يصنفها فن المواد الثانوية أي من المواد الضعيفة للوقت والجهد، وقلة الحصص المخصصة لتدريسها فساعة واحدة في الأسبوع غير كافية وإنها مادة تجمع بين النظري والتطبيقي وهذا ما يفرض على وزارة التربية الوطنية إذا ما أرادت تقعيد وتأسيس الفن التشكيلي بالمغرب وتشجيع المهارات اليدوية، وتعويد المتعلم على قوى الملاحظة والدقة في إنجازها ودراسة قواعدها وتمكنيه من امتلاك آليات قراءة اللوحة الفنية ومحاربة تخلف وعيه بالفن والإبداع وتحسيسه بجمالية الفن أو على الأقل تكوين مواطن كيف يلبس بذوق وتكوين صانع يوفر الجانب الجمالي في التزيين فعليها تعميم تدريس الفنون التشكيلية على مختلف النيابات الإقليمية وجعلها مادة إجبارية في مختلف أطوار التعليم وتخصيص اعتماد مالي يناسب خصوصية المادة والرفع من قيمة المعامل حتى يتلهف التلميذ على دراستها وإلا ستضيع جمالية هذه المادة بين غياب الدعم المادي الحكومي ونظرة التلميذ التبخيسية لها مقارنة مع المواد التي تنعم بمعدلات مرهبة ونفزعة.
محمد مغودي

11 يونيو 1999
في بيان المجلس الوطني للجمعية المغربية لمفتشي التعليم الثانوي
ضرورة توحيد مصادر اتخاذ القرار التربوي مركزيا
بدعوة من المكتب الوطني للجمعية المغربية لمقتضي التعليم الثانوي، عقد المجلس الوطني دورته العادية يوم السبت 29 ماي 1999 بمدينة مراكش، وبعد عرض التقريرين الأدبي والمالي ومناقشتهما تم التداول في القضايا التربوية والمهنية، التي تطغى على اهتمام المفتشين التربويين، باستحضار ما تتسم به الوضعية الراهنة من ترقب لما سيتمخض عن أعمال اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين، وانتظار ما تسؤول إليه مراجعة النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، وقد حظيت هذه القضايا بمناقشات جادة ومسؤولة من لدن أعضاء المجلس الوطني، توجت بالتأكيد على ما يلي :
- ضرورة توفير شروط وظروف ممارسة هيئة التفتيش التربوي لمهامها الاستراتيجية داخل المنظومة التعليمية من أجل تطوير الأداء التربوي ورفع الإنتاجية، لمواجهة التحديات وكسب رهانات المستقبل.
- ضرورة توحيد مصادر اتخاذ القرار التربوي على المستوى المركزي وتقوية جسور التواصل إداريا وتنظيميا لتبديد الغموض ووقف الاضطراب السائد في تصريف القرارت جهويا وإقليميا.
- ضرورة الاستجابة الفورية للملف المهني والمطلبي لهيئة التفتيش التربوي، من خلال إجراءات ملموسة تترجم الوعود التي يقابل بها هذا الملف في كل مناسبة. من أجل رفع الحيف عليها والحيلولة دون استشراء الشعور باليأس والإحباط والغبن الذي أصبح يدب في صفوفها.
واعتبارا لما سبق يدعو المجلس الوطني المسؤولين إلى :
1- استثمار مقترحات الجمعية بخصوص هيكلة الهيئة، بهدف تحديد مهام جهاز التفتيس التربوي، وضمان استقلاليته في ممارسة هذه المهام وإحكام آليات التنسيق بين النيابات والأكاديميات والمديريات المركزية.
2- اعتماد الشفافية والوضوح عند إسناد المهام، مركزيا وجهويا ومحليا استنادا إلى معايير موضوعية تراعي الكفاءة والدينامية والتجربة الميدانية، للحد من هيمنة المحسوبية والعلاقات الشخصية.
3- إعادة النظر في المذكرات التنظيمية التي تكرس عقلية الوصاية وممارسة السلطة، وتعتمد أسلوب التفريق والتشتيت في مجال يتطلب سيادة الديمقراطية والأحكام إلى الحوار والإقناع.
4- إحداث تعويض موحد عن الإطار والأعباء لكل المفتشين التربويين إسوة بالمفتشين العاملين بالقطاعات الأخرى كالمالية والشغل، والرفع من قيمة تعويضات التنقل والإقامة والمهام الطارئة، وخاصة وأن التعويضات التي توصل بها المفتشون في بعض النيابات كانت متفاوتة المقادير وهزيلة.
5- تسوية وضعية المكلفين بالتفتيش من أساتذة السلك الثاني الأساسي والتعليم الثانوي نهائيا بإدماجهم في إطار مفتشي التعليم الثانوي، علما بأن ذلك لن يكلف الدولة أعباء مالية جديدة.
6- ترقية كل من توفرت فيه الشروط المطلوبة من أعضاء هيئة التفتيش التربوي مباشرة، وإنصاف الناجحين في مباراة التفتيش باحتساب أقدميتهم قبل اجتياز المباراة بأثر رجعي.
7- تنظيم الحركة الانتقالية الخاصة بالمفتشين التربويين في أقرب الآجال إحقاقا لحقهم المشروع، ورفع الالتباسات المحيطة بإجراءات ومعايير وتوزيع مناطق التفتيش، بشكل يحافظ على وحدة الهيئة، اعتبارا لتجانس المهام التي تضطلع بها سواء في السلك الثاني الأساسي أو الثانوي.
8- إشراك المفتشين التربويين إشراكا فعليا في مشروع التكوين المتسمر على المستوى الجهوي وفق ما تم الاتفاق عليه مركزيا من ضرورة التنسيق بين المفتشين والباحثين بمراكز التكوين أثناء وضع الخطط والبرامج أو التنفيذ أو التقويم، حتى لا تنفرد جهة التكوين المستمر، أو تسقط التجربة في الارتجال والتسرع، وتجيد بالتالي عن هدف تطوير الكفايات التربوية وتحسين الممارسة المهينة.
والمجلس الوطني إذ يدعم جهود المكتب الوطني في التعبير عن هموم التفتيش التربوي، التي أبانت عن حكمتها وتبصرها في تحمل ما يثقل كاهلها من أعباء ومسؤوليات، ومواجهة ما يروج عنها من مغالطات وتمثلات خاطئة ترم النيل منها وإضعاف مصداقيتها، فإنه يوصي المكتب الوطني بمواصلة الحوار مع المسؤولين المركزية في قطاع التربية والتعليم، بللورة الوعود والتطمينات المقدمة إلى قرارات فعلية ومنصفة، وبالاستمرار في التنسيق مع المركزيات النقابية للدفاع عن المطالب العادلة لهيئة التفتيش التربوي، التي لم تعد تحتمل التسويف والتأجيل.
وإذا كان المجلس الوطني ينوه بمكتب فرع الجمعية المغربية لمفتشي التعليم الثانوي بمدينة مراكش، الذي استضاف أشغال المجلس الوطني لهذه الدورة، ووفر شروط إنجاحها، فإنه يدعو إلى مراجعة دورية وزارة الداخلية التي طالت آثارها السلبية أنشطة بعض فروع الجمعية، وحالت دون قيامها بدورها التربوي والتعليمي في الفضاءات التربوية التابعة لوزارة التربية الوطنية.
ويطالب المجلس الوطني للجمعية وزارة التربية الوطنية والوزارة المكلفة بالتعليم الثانوي والتقني بالتدخل من أجل المحافظة على مكتسبات فروع الجمعية في استغلال هذه الفضاءات للمساهمة في الرفع من مردودية نظامنا التربوي والتعليم.
وختاما يحث المجلس الوطني فروع الجمعية وقواعدها على تكثيف أنشطتها الإشعاعية ثقافيا وتربويا واجتماعيا، كما يهيب بكافة المفتشين التربويين إلى المزيد من الالتفاف حول جميعتهم، وتدعيم مختلف مبادراتها لدحض كل المحاولات الرامية إلى تفتيت وحدتها.

المجلس الوطني للجمعية المغربية لمفتشي التعليم الثانوي

11 يونيو 1999
من المنهاج إلى البرنامج
إذا كان موضوع "المناهج الدراسية" يشكل حاليا موضوع الساعة في الساحة التربوية المغربية، فهذا لم يأت فجأة أو من لا شيء، بل إنه كان شيئا منتظرا ومتوقعا، لأننا كنا منهمكين ومشغولين، منذ عدة سنوات، بمشاكل ومواضيع تربوية أخرى كانت تستوجب منا حلولا مستعجلة وذلك قبل الشروع في التفكير في إصلاح أو تغيير البرامج والمناهج التعليمية.
ففي إطار الاهتمام المتزايد بهذا الموضوع وكذا بالرغبة المتزايدة للتعامل مع البحث العلمي والتقويم للمستجدات التربوية، فإن تدخلي سوف يهتم بإشكالية تعريف مفهوم "المناهج" أو "Curriculum" وكذا التمييز بينه وبين مفهوم "البرامج" أو "Programme"، أو بمعنى آخر، سوف يتطرق إلى العلاقة التي تربط "الرنامج" ب "المنهاج" أو "من البرنامج إلى المنهاج".
وحتى يتمكن الحضور الكريم أن يتتبع عرضي بوضوح، ارتأيت أن أقدم في بداية الأمر تصميما للأسئلة التي سأحاول الإجابة عليها :
1- ما هو أصل كلمة "Curriculum" أو "المنهاج" ؟
2- كيف تطور مفهوم "المنهاج" عبر التاريخ وذلك في ميدان التربية.
3- ما هو المعنى الذي يعطي حاليا لمفهوم "المنهاج" ؟
4- ما الفرق بين مفهوم "المنهاج" ومفهوم "البرنامج" ؟
5- ما هو المعنى الذي يجب الاحتفاظ به حاليا لتعريف "المنهاج" ؟
لنبدأ بالسؤال الأول
أولا : ما هو أصل كلمة "Curriculum" أو "المنهاج" ؟
إن كلمة "Curriculum" من اللغة اللاتينية وهي تعني، كما جاء في (1998) Legendre : "ملعبا أو حقل للسباق. وكما نعلم أن الملعب أو حقل السباق يجب تهيؤه وتخطيطه مسبقا حتى يتمكن المتسابقون من إجراء مباراتهم. إذ يجب تحديد نقطة الانطلاقة ونقطة الوصول ثم تحديد المسافة التي سيقطعها المتسابقون، ورسم ممرات المتسابقين وتحديد قواعد اللعب، الخ ...
2- الفكرة الثانية : إن "المنهاج" يعتبر كذلك السباق نفسه، أي أنه يعتبر كواقع معاش خلال فعل السباق أو بمعنى آخر فهو كل ما يعيشه وينجزه المتسابقون خلال السباق أو المباراة.
إذا ما حللنا هاتين الفكرتين، فسنجد حتما أنهما لا تقعان في نفس اللحظة الزمنية، إذ :
- أن الأولى : تقع قبل الفعل أو السباق وهي ما يمكن تسميته ب "القبلي" (Le préalable).
- وأن الثانية تقع خلال الفعل أو السباق وهي إذا بمثابة "المعاش" (Le vécu).
سوف نرى على أن ميدان التربية والتعليم قد استوحى من هاتين الفكرتين للتعريف مفهوم "المنهاج"، إلا أنه يجب الإشارة إلى أن هاتين الفكرتين لم تؤخذا معا في هذه التعاريف، وهذا ما لاحظناه بالنسبة للتعاريف التي قمنا بجردها من الأدبيات التربوية إذ :
* أن الفكرة الأولى قد تبناها الاتجاه التقليدي الذي يعتبر أن "المنهاج" هو بمثابة "كل ما هو قبلي للفعل التربوي".
* وأن الفكرة الثانية قد تبناها الاتجاه الحديث الذي يعتبر أن "المنهاج" هو بمثابة "الواقع المعاش خلال الأنشطة التربوية".
يمكن أن نستخلص إذن، أن الاتجاهين يخلقان إشكالية وذلك بأنهما متعارضان. سأحاول إذ أن، خلال عرضي، أن أعرف بكلا الاتجاهين وأن آخذ موقفا شخصيا منهما.
لنبدأ أولا بإعطاء نظرة موجزة عن تطور المنهاج عبر التاريخ وذلك في ميدان التربية والتعليم.
ثانيا : كيف تطور مفهوم "المنهاج" عبر التاريخ في ميدان التربية والتعليم ؟
في القرن 17 :
بعد تبنيها للمعنى اللاتيني، فإن لفظة "Curriculum" قد ظهرت لأول مرة في ميدان التربية في القرن 17 وذلك حسب (1998) Legendre.
في بداية القرن 20 :
رغم استعماله في ميدان التربية منذ القرن 17، فإن مفهوم "المنهاج" لم يتبلور إلا في بداية القرن 20 إذ أن :
في سنة 1918 :
ظهر "المنهاج"، ولأول مرة، كحقل تخصصي وذلك عندما وضع F. BOBBIT سنة 1918 كتابا كان الأول من نوعه سماه "المنهاج" أو ""The Curriculum".
خلال العشرينات :
إن انطلاقة ومحاولة F. BOBBIT في إبراز مفهوم "المنهاج" كمجال علمي تخصصي في ميدان التربية، كان له أثر في الوسط التربوي الأمريكي، حيث أن العديد من المربين الأمريكيين أخذوا يطرقون موضوع "المنهاج"، ويستلعون مجالاته المختلفة، وظهرت في الساحة كتاب متخصصة.
وفي سنة 1924 ظهر كتاب ثان لـ F. BOBBIT تحت عنوان "كيف نبني المنهاج". ولقد جاء هذا الكتاب تعديلا وتفصيلا لسابقه وأكثر تخصصا منه في وصف الخطوات والمظاهر العلمية التي تتطلبها مهمة تطوير "المنهاج الدراسي"، وخصوصا في تفصيل الأنشطة التربوية الحياتية الضرورية للتكوين المواطن الصالح. كانت هذه الأنشطة تتلخص فيما يأتي :
1- الأنشطة اللغوية - التخاطب الاجتماعي.
2- الأنشطة الصحية - أنشطة المحافظة على الصحة العامة.
3- الأنشطة الوطنية العامة التي يقوم بها الفرد كجزء من المجتمع الذي يعيش فيه.
4- أنشطة الصالح العام كالترشيح والانتخابات وصيانة المتلكات العامة.
5- الأنشطة الاجتماعية العامة كمقابلة الآخرين والاختلاط بهم والتعامل معهم.
6- أنشطة وقت الفراغ الخاصة بالتسلية والترفيه.
7- أنشطة اللياقة الجسمية - أنشطة التربية البدينة.
8- الأنشطة الأسرية كتربية الأطفال وصيانة البيت والممتلكات الأسرية.
9- الأنشطة الوظيفية - المهنية.
10- الأنشطة التفكيرية العامة.
11- الأنشطة الدينية.
إن كل هاته المستجدات المنهجية التي أتى بها "F. BOBBIT" وآخرون قد أتاحت لبعض الأوساط التربوية الأمريكية فرصة لتعديل وإصلاح مناهجها.
خلال الثلاثينات :
أخذ مفهوم "المنهاج" ينتشر سريعا في الأوساط التربوية الأمريكية، حيث أن بعض الجامعات أنشأت شعبا مختصة في دراسة "المنهاج". خلال الأربعينيات :
* تشعبت اهتمامات وأبحاث المربين والمختصين الأمريكيين في حقل "المنهاج" ولكنها تركزت خصوصا حول مسألة تطويره وتنميتهه، خاصة بعد أن خرج R. TYLER سة 1949 بكتابه المشهور "مبادئ المنهاج والتدريس".
*وبالرغم من الانتقادات لتي وجهت لهذا الكتاب والمتعلقة بكون أنه لم يأت بجديد، إلا أنه قد ساهم بدرجة كبيرة في بلورة المنهاج كحقل جديد وفي انتشار المعرفة المنهجية المتخصصة. إن مساهمته البناءة تتلخص في كونه حدد أربع قضايا تهم موضوع المنهاج وهي الأولى من نوعها في هذا المجال :
1- الأهداف التربوية
2- خبرات وأنشطة التعلم
3- تنظيم خبرات وأنشطة التعلم
4- تقويم التعلم
خلال 1950 (الخمسينات).
بعد ظهور كتاب R. TYLER فقد اهتم عدد كبير من المربين بدراسة ونشر مواضيع تتعلق وتخص حقل المنهاج.
خلال 1960 (الستينات)
* ظهرت تعديلات وإصلاحات جذرية للمناهج الدراسية الأمريكية والتي تتلخص في إعطاء أهمية كبيرة للمواد الأكايديمة والأساسية كالعلوم التجريبية، الرياضيات، والعلوم الاجتماعية وكذلك اللغات الأجنبية. وهذه الإصلاحات راجعة لكون الولايات المتحدة أرادت مواجهة تفوق السوفيات في ميدان الفضاء الذي حصل سنة 1957، إذ أن مؤسسات قومية وشعبية تكونت لرعاية هذه التغييرات المنهجية وتنفيذها في المدارس الأمريكية.
* هذا وقد ظهرت في نفس الفترة أيضا كتب منهجية جديدة ومنهجيون متخصصون. ونذكر على سبيل المثال Hilda Taba وكتابها المشهور "تطوير المناهج : نظرية وممارسة" الذي ظهر سنة 1963.
من 1970 (السبعينات) إلى يومنا هذا
إن المنهاج قد أصبح، أكثر مما قبل، خقلا تخصصيا وعلما تطبيقيا له لغته الخاصة ومفاهيمه ومنظوره ومختصوه ومشاكله.
ثالثا : ما هو المعنى الذي يعطي حاليا لمفهوم "المنهاج" ؟
رغم أهمية واستعمال مفهوم "المنهاج" في ميدان التربية، فلا زال هناك حاليا غموض وعدم وجود توافق فيما يخص هذا المفهوم.
أجل، إن "للمنهاج" عموما ثلاث معاني مستعملة في الأدبيات التربوية :
1- المعنى الأول : "المنهاج" هو عبارة عن مجموعة من النوايا والإجراءات المسبقة قصد تهييئ التدخلات البيداغوجية المقبلة.
2- المعنى الثاني : "المنهاج" هو ما يعاش واقعيا داخل القسم من طرف الأساتذة وتلامذتهم.
3- المعنى الثالث : "المنهاج" هو عبارة عن نظرية تعلمنا كيف نبني أوليا. وهذا المعنى قليل التداول.
محمد طارق
أستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة - الرباط
11 يونيو 1999
المدرس وهوس التنظير
يحتل مجال البحث التربوي في الدول المتقدمة مكانة متميزة تتجلة في الميزانية التي تخصصها هذه الدول للاستثمار فيه، أما واقع البحث التربوي في بلادنا فيتسم بتخلفه الكبير، خصوصا البحث الميداني (والجانب العملي يعتبر جزءا منه).
فما نوع الخطاب التربوي الذي يتلقاه المدرس من طرف المؤطرين التربويين ؟
من مظاهر أزمة التعليم في بلادنا، ارتباط الخطابات التربوية بالجانب النظري على أكثر من مستوى. صحيح أن الجانب النظري مهم ويعتبر المرجع والسند للجانب التطبيقي، لكن طغيان هذا الجانب على حساب الممارسة التي تتكلس بحكم عدم حركيتها فبعض أساتذة الديداكتيك ينظرون وبعض المؤطرين ينظرون ... الكل ينظر. حسنا لكن على الجانب التنظيري أن يحقق تكاملا إيجابيا مع الجانب العملي وإلا فلا جدوى من وجوده. صحيح أن كل واحد منا يسعى إلى السمو بالفعل التربوي التعليمي وعقلنته وذلك بربط التربية بالتجارب الميدانية لتي تنطلق من الملموسات والمدركات بعيدا عن كل تنظير أو تقديم لخلاصة إشكاليات.
ما مظاهر التنظيم داخل المؤسسة التربوية من خلال :
- صياغة السؤال التعليمي :
إن النظام الجديدي لامتحانات الباكلوريا المرتكز على مبدأ التقويم المستمر الذي ميز المراقبة المستمرة بمكانة أساسية ضمن عناصر العملية التعليمية، يجد المدرس نفسه أمام عدة عوائق تحول جون تحقيق أهداف المراقبة المستمرة بحيث يصطدم بمفارقات بين المراقبة المستمرة كمعطى تشريعي والمراقبة المستمرة عند التنفيذ حيث يفرز واقع الإنجاز جملة من مظاهر القصور منها : تنظيرات بعض المدراء والمؤطرين .. فالمدرس صاحب الخبرة اليومية هو الوحيد القادر على وضع استراتيجية لكل فعل تربوي انطلاقا من الخصوصيات السوسيو - اقتصادية والسوسيو - مجالية ... للفئة المستهدفة. لكن بعض المؤطرين لا يستحضرون الخصوصيات المجالية والثقافية لكل مؤسسة تربوية بل لكل قسم داخل مؤسسة تربوية معنية. وهكذا توجه بعض الانتقادات للمراسة (المدرس) ومنها :
- إن الأسئلة التي يقترحها المدرسون لا تتوفر على مواصفات مضبوطة وموحدة، ومن هذه المواصفات :
- إن الهدف المراد قياسه لم يحدد وفق مستوى قدرات التلميذ.
- إن الأفعال الواردة في الأسئلة غير مضبوطة.
- إن الأسئلة لا تلائم المدة الزمنية.
- إن الأسئلة غير متدرجة.
- إن عناصر الإجابة غير منسجمة مع منطوق السؤال.
- إن النقط غير موزعة وفق الهدف والمحتوى.
- إن الأفعال انصبت على المراقي الدنيا.
من هنا نطرح السؤل التالي :
أليس من الصواب أن يعد المؤطر جذادة نمطيى يحترم فيها المجالات التي ينبغي مراعاتها عند إعداد الفروض مجالات الكفايات ومجال المهارات، مجال الأهداف ... وتحديد سلم التنقيط ...
وبعد ذلك تقدم هذه الجذادة للمدرسين لدراستها وتفصحها ومناقشتها ثم إنجاز مضمون هذه جذادة وتقويم النتائج ثم تفسيرها. وعلى المؤطر أيضا أن يضع رهن إشارة المدرسين بنكا للأسئلة والمواضيع المتوفرة على الشروط المطلوبة.
ثم على المؤطر عند صياغته لأسئلة المراقبة المستمرة أن يستند على منهجيته ويعتمد على تقنيات تضمن له الحد الأدنى من المصداقية والصلاحية وأن تمر بمرحلة تجريبية قبل تعميمها.
الندوة التربوية "التطبيقة"
إن معظم اللقاءات التربوية التي يشرف بعض المنسقين على إدارتها يطغى عليها الجانب النظري : خطابات مجردة لا تلبي الحاجات الإجرائية الفعلية : قراءة لمذكرات، أو لخطاطات، لنظرية تربوية ... مناقشة لدرس تطبيقي. فالدروس "الطبيقية" لتي تعتبر المقياس الحقيقي للوقوف على مدى نجاعة طريقة أو منهجية تربوية أو موقف تعليمي ما وتجسد على أرض الواقع ما يكون المشرف التربوي قد تقدم به من وصف نظري لمنهجية معينة أو لاستخدام معينات بيداغوجية حديثة ... ومن خلال هذه الدروس يدلي المدرسون بآرائهم حول جوانب الدروس التي تتم معانتها ويقترحون ما يرونه مجديا في شأنها (هذا عن الجانب النظري).
لكن هذه الدروس مع كامل الأسف لا تفي بالمتوخى التكويني في غالب الأحيان حيث هي عبارة عن لقاءات يتحول فيه المشاركون إلى زوار يتفضلون بالمشاهدة والكلام وينتهي كل شيء.
فالمدرس غير مقتنع بما حوله يفضل الصمت وهناك من يجدها مناسبة لنقد النظام التربوي والمنهاج التعليمي أو الإدارة التربوية ... نقاشات لا علاقة لها بالموضوع المحدد الذي يحدده المنسق (إذا حدد). أليس من الجدية أن يكون أعداد الدرس جماعيا أو من طرف المؤطر وهذا يضمن إشراك جميع المدرسين في الإنتاج وتحمل المسؤولية التربوية ... وهذا التصور يحقق تكامل الرؤى والتصورات. أشير في الختام إلى أن أزمة التعليم الحالية تتجاوز صنافة بلوم ونظرية الأهداف ومضمون المذكرة 138/98 ... وإحداث ما تم التوصل إليه في ميدان التربية والتعليم على أن تطلق إذن من واقعنا التعليمي بأمراضه وكامل عيوبه التي لا ينفصل بعضها عن بعض بدءا بالتلميذ والمدرس، والإدارة التربوية ... ليتساءل كل واحد عن نسبة مساهمته في أزمة التعليم.

الوافي محمد
ثانوية السحن تنجداد

ليست هناك تعليقات: