لسانيات النص
الأستاذ : صالح غيلوس
جامعة محمد بوضياف المسيلة
أنماط النصوص :
1- النص الو صفي : الوصف نشاط عرفاني لغوي والوصف أسلوب إنشائي يتناول ذكر الأشياء في مظهرها الحسي الخارجي ، ومهمته ذات صفة تزيينية، تقوم بتبيان مظهر الأشياء جميلا كان أو بشع قبيح دون تغيير أو تزييف فتظهر الأشياء من حيث لونها ومن حيث أبعادها الهندسية، ووجودها في الواقع وله أنواع نذكر منها: ( الوصف التصويري ، يستخدم كزينة في السرد ) ، ( الوصف اللغوي يتمثل في استخدام اللغة في التلوين والتزين ) ، ( الوصف العضوي يصور التفاعل داخل النص الأشخاص و المكان ) ، ( الوصف التصنيفي يجسد حيثيات الشيء ) ،و للوصف وظيفة جمالية تزيينية ، فهو يوقف تدفق الأحداث ليمنح المؤلف فرصة لتأمل مظاهر الأشياء ووصف أبعادها وهيأتها، مما يشكل نوعاً من الراحة لديه . وقد يفعل بتأثير الأبعاد المكانية والتضاريسية. أو بإيحاء من جزء من أجزاء العمل الأدبي لكون السرد مرتبطاً بحركة الأحداث والوصف يوقف حركتها.
والكاتب يفرع في الصورة للتكلم عن جزئياتها. وهنا" نجد مراكز الضبط في عالم النص هي في معظمها تصورات للشيء والمواقف التي يتم إثراء بيئاتها بكثرة الاتجاهات إلى كشف الوصلات مع تكرار وجود أنواع للوصلات مثل ( الحال ) و( الصفة (التخصيص)وسيعكس النص السطحي كثافة تلك التكافلات ". 1
الوصف في الجانب البيداغوجي هو أن تمنح للمتعلم إمكانية تَمثُّل موضوع ما ، جماد / إنسان / مكان ،ويتيح له رؤية خصائص شخص أو شيء أو مكان ، .كما يمكن أن يرسم صورة متموضعة داخل مكان مـا ( فضاء ما ) .ويساهم الوصف في منح المكان والأشياء أبعادهما الخارجية التي يريد الكاتب بيانها بوضوح، فيعطي للمكان أبعاده الجمالية والنفسية والفكرية، لأن المكان كيان موجود لا يقبل الانهيار ، حيث يقوم الوصف ببناء أركانه، فذكرك صورة لدار أو شارع يثير في نفس المتلقي إحساس بالاشتياق أو بالحزن ، ومهمة الوصف إظهار الأبعاد والألوان والمسافات أو العدد .
يساعد الوصف في بيان الأبعاد النفسية والاجتماعية والجمالية للأمكنة والأشياء، وهدف الواصف التحكّم في التفريع كأن يفرّع الكاتب أشياء ويسكت عن أخرى لعدم فائدتها أو لأهميتها.
أ - التّخصيص : وهو" قرينة معنوية تضم مجموعة من المعاني التي تفيد الإسناد ومن أمثلة هذه القرينة منها التعدية والغائية والظرفية " 2 ، نحو قولك :( كلَّم زيدٌ عليا ) فوقوع الكلام على عليّ تخصيص لعلاقة الإسناد .
ب- النسبة : قرينة تجعل علاقة الإسناد نسبية ويدخل في النسبة معنى الإضافة وحروف الجر وعليه فإن النسبة إلحاق ، فيستعمل الكاتب مصطلحات الوصف : أسماء الفاعلية / أسماء المفعولية/ أفعل التفضيل/ صيغ المبالغة/ الصيغ المشبّهة/النسبة وذلك في باب الصّرف .أما في باب النحو فيجب أن يحسن توظيف النعت والحال والخبر... والقرائن اللغوية التي يراها ضرورية .
والمستوى الثاني في الوصف أن يكون له بعض الزاد من البلاغة دون إعطاء الأهمية لقواعدها والغوص فيها ،وذلك باستعمال التشبيه وبعض الاستعارات والإيجاز والإطناب ، كما يتطلب منه الحيازة على مستوى معيّن من المعجم الفصيح .
يمتزج الوصف أحيانا بأنماط نصوص مختلفة ، وفي مقدمتها النص السردي ويمكن أن يوجد الوصف في النصوص الأدبية وغير الأدبية
2- النّص السّردي :
السرد في لسان العرب تقدمة شيء إلى شيء تأتي به متّسقاً بعضه في إثر بعض، وسَردَ الحديثَ: إذا تابعه وكان جيد السياق له.. والسّرد: الخرز في الأديم. وقيل سردها: نسجها. وهو تداخل الحلق بعضها في بعض. وسرد خفّ البعير سرداً: خصفه بالقدر.3 و في قوله تعالى: ﴿ وَقَدّرْ فِى ٱلسَّرْدِ ﴾ 4، لا تدق المسمار فيقلق في الحلقة، ولا تغلظه فيفصمها واجعله بقدر ، قيل: أن لا يجعل المسمار غليظا والثقب دقيقاً فيفصم الحلق ولا يجعل المسمار دقيقاً والثقب واسعاً فيتقلقل أو ينخلع، أو ينقصف، اجعله على القصد وقَدْرِ الحاجة 5 .
السردية فرع من أصل كبير هو الشعرية التي تعنى باستنباط القوانين الداخلية للأجناس الأدبية وهي تبحث في مكونات البنية السردية من راو ومروي ومروي له.
والسردية اللسانية تعنى بالمظاهر اللغوية للخطاب وما ينطوي عليه من علاقات تربط الراوي بالمروي والسرد وسيلة لإنتاج الأفعال السردية وهو نوع من وسائل التعبير ، والمروي هو محتوى ذلك التعبير ، أما المروي له هو الشخص الذي يوجه إليه الراوي خطابه . ونجد السرود الخيالية في الحكاية والملحمة والرواية ،أين يكون الراوي كائنا متخيلا شأنه في ذلك شأن المروي له وقد تم التوصل إلى تحديد " ثلاث مستويات للإرسال والتلقي . المستوى الأول يحيل إلى مؤلف حقيقي ويقابله قارئ حقيقي ، والمستوى الثاني يعود إلى قارئ ضمني يقابله قارئ ضمني ، والمستوي الثالث يعود على راوٍ يقابله مروي له ، وأن النص السردي يعود إلى المستوى الأول الذي يمثله مؤلف حقيقي وقارئ حقيقي ".6
وعليه فالنص السردي يقوم على تتالي الأحداث ويتميز بالمسار القصصي والمقصود به التّحول الذي يحدث من البداية إلى النهاية .
بحيث يبرز المقطع السّردي من خلال وحدات النص وهذه الوحدات أو المقاطع تقوم على أزواج ؛ أي على أحداث متجاوبة إذا السرد مظهر تعبيري ، يُفعِّل الكلمة. ويسخر الجملة من أجل تواصل تبليغي على صعيد الشفهية والكتابية ، في حين نجد الرافعي ينظر إلى السرد على أنه: "متابعة الكلام على الولاء والاستعجال به وقد يراد به أيضاً جودة سياق الحديث، وكأنه من الأضداد "7.
ونميز في النص السردي بين مستويين هما: (الحكاية و النص ) ، فالنص يتم حكيه ، والسرد هو الطريقة التي بها حكي هذا النص أو الحكاية أو التخيل انطلاقا من بداية النص ( الوضع الأولي ) . لا يخلو أي نص من القرائن الزمانية والمكانية .
أما الإيقاع السردي فهو المدة التي يستغرقها السرد بالنظر إلى الحكاية والأفعال الدالة على المناخ العام الذي حصلت فيه الوقائع و طبيعة الديكور والأسلوب و مستويات اللغة، التركيب، التصوير .
3- النص القصصي : القصة جنس أدبي مبني على الشخصيات ونمو الأحداث . والنص القصصي متحرك لأنه يعتمد على سرد جمالي للأحداث، يُنتج وحدات أو خلايا سردية تكوينية تتواصل فيما بينها في سياقات وعلاقات متنوعة من أجل بناء النص القصصي وهذا التنوع هو أحد أسباب تنوع قوالب القصة " ومراكز الضبط في عالم النص في أغلبها تصورات الحدث والعمل والتي تنتظم في توجه مرتب للوصلات وسيتكرر ورود أنواع من الوصلة مثل : العلة و السبب و التمكين و الغرض والمقاربة الزمانية و سيعكس النص السطحي كثافة مماثلة للتكافلات التفريعية ". 8 ، وترتيب السرد بالنظر إلى القصة ، يمكن أن يتخذ أشكالا قد يكون بعديا بحيث يحكي السارد في نصه الوقائع التي حدثت في الأزمان الغابرة مثل : قصص الأنبياء ( سورة يوسف ويونس ومريم ...) أو متزامنا كأن يقص السارد وقائع في وقت حصولها يعايش الوقائع ونجد ذلك جليا في القصص التي تنشر في الجرائد أوتسرد في المحاكم ، بحيث تكون مادة القصة جديدة لم يمر عليها إلا وقت يسير. وإما أن يكون قبليا حيث يقص لنا القاص الأحداث التي ستحصل في المستقبل أي الاستشراف ونجد هذا شائعا في النصوص المسرحية وكذا العروض .
الإيقاع السردي في النص يتحكم فيه القاص فنجده يتوقف عن القص ليشرح أو ليصف( شخصا أو فضاء...). وقد يلخص أو يكثف في بضعة سطور مدة زمنية طويلة أو يبطئ ، أو يتوقف القاص مدة زمنية قصيرة أو يحذف كأن يقفز على فترة من الزمن و يكشف التبئير وضع القاص و مستوى إدراكه للعالم المحكي عنه أو العالم الموصوف ، أما التبئير الداخلي حيث نجد السرد منحصرا في حدود وجهة نظر شخص من شخوص المحكي والتبئير الخارجي السارد فيه شاهدا جاهلا بحقيقة المحكي الذي يصفه ، كانت طفلة صغيرة اسمها فاطمة ، تسكن الجبال العالية ، وتلعب بالثلج وكانت تحضر عطرها من شذى الأزهار ، وتشرب الماء الصافي من المرتفعات العالية .....كانت تكبر ويكبر معها الإيمان بتخليص شعبها من حياته القاسية وهاهي ترفع راية المقاومة .......صارمة تقبل وتدبر وتلحق الهزيمة تلو الهزيمة بالمحتلين .
إنها امرأة من الجزائر تصارع جيش فرنسا لالة فاطمة عروس الجبال بنت الجزائر زرعت في كل قمة للسلم أزهارا وللإسلام انتصارا..
4- النص الشارح أو التفسيري explicatif : يستعمل في حالات متعددة في المجلات والكتب العلمية ، كتب التاريخ ، الكتب المدرسية ، الموسوعات، يقدم معلومات غير معروفة من لدن القارئ ويقوم بتوسيعها ثم عرض أسبابها و نتائجها, تبعا للخطاطة التالية:
واقعة- لماذا ؟ - كيف ؟ - الأسباب - الشرح - التفسير – الخلاصة.
يهدف إلى تقديم معلومات حول موضوع بعينه ويكون على صورة إجابة عن سؤال أو أسئلة، وهو بخلاف النص الوثائقي/ الإخباري ، ولا يكتفي بتقديم خبر بل يحدد أسباب الوقائع ونتائجها ويحدد المعلومة أو المصادر التي استقيت منها، وأوجه النظر المعتمدة في تقديمها،و الفائدة المرجوة منها ، ويعتمد النص التفسير حيث يقدم المعلومات وفق ترتيب منطقي أو بيداغوجي، هويعلِّم أكثر من كونه يخبر.
ومن هذا المنظور يكون وجود النص التفسيري في القواميس والموسوعات و يمكن للنص التفسيري أن يعتمد إلى جانب الكلام على الصورة التي تمتلك قدرات تفسيرية هامة.
5- النص الحجاجي argumentatif: الحجاج متصل بتحديد طبيعة الكلام في وظيفته التساؤلية le
questionnement، ذلك أن المساءلة من حيث هي عملية فكرية مؤسسة على سؤال وجواب تستدعي نقاشاً يولد حجاجاً، ويبدو أن المحاججة موجودة بالقوة في التداول اللغوي ، لا يخلو خطاب منها سواء كان شفوياً أم كتابياً وربما قدّم الحجاج على مظهرين لغويين أحدهما مصرح به وهو السؤال، وثانيهما ضمني تعبر عنه الإمكانات المقترحة كإجابات قابلة للاستبدال فيما بينها . 9
وتأخذ هذه الإجابات شكلاً تعبيرياً مميزاً له وقعه وأثره البلاغي على السامع فقد ترد الإجابة في شكل صورة مجازية لها وقعها على المتلقي .
الحجاج يسعى بوساطته إقناع شخص ما باعتناق فكرة معينة ويتم ذلك باستعمال الحجج والأدلة بحسب الشخص المراد إقناعه وبإمكان النص الواحد أن يتحول إلى أنماط نصية مختلفة ، فالنص السردي يحتوي غالبا على مقاطع وصفية تفسيرية وأحيانا حجاجية ، عندما يكون الهدف من التأليف أو الكتابة هو البرهنة على صحة أو شرعية فكرة أو إقامة الدليل لإثبات سلامة الموقف. وتتكرر فيه أنواع من الوصلات مثل : القيم ، الأداة ، الإرادة ، السبب وكل نص حجاجي يدافع عن موقف في تعارض ، بشكل ضمني أو صريح ، مع أولئك الذين يفكرون بشكل مغاير أو ضدي ، ويتم ذلك بإثبات صحة الأحكام ووجهات النظر بالأدلة المناسبة بـ:التعليل- الاستشهاد- الدقة –الموضوعية.
وظائفــه : للحجاج وظيفتين أساسيتين يقوم عليهما :
أ- وظـيفة إقناعية : وفيه يبحث المؤلف عن إقناع الخصوم وجعلهم في الأخير يتبنون نفس وجهة النظر أو الرأي أو الفكرة .
ب- وظيفة جدلية : حين يكون الهدف من عرض الحجج والبراهين هو تحجيم رأي الخصوم ومواقف الذين لا يتفقون معه، يوجه للخصوم لأجل إسكاتهم وتفحيمهم وذلك بتحجيم آرائهم حتى يظنون أنهم أقل شأنا .
وتستعمل في ذلك المصطلحات والمفاهيم التي تكون إما إيجابية في الدفاع عن الأفكار الخاصة أو سلبية عند عرض حجج الخصوم والمحاججة موجودة في كل مكان، في الحوارات اليومية ومرافعات المحامين وخطب الساسة ودروس المعلمين ومناقشة الرسائل العلمية بشتى أشكالها.
الهوامش :
1- روبرت دي بوجراند : النص والخطاب والإجراء ، ترجمة تمام حسان، عالم الكتاب ، القاهرة ، 1998 ، (ط1)، ص 415.
2- أحمد قدور : مبادئ اللسانيات ، دار الفكر المعاصر بيروت ، لبنان ، 1999 ، ط(2) ، ص 229
3- ابن منظور: لسان العرب ، مادة (سرد) ، ج4 ، ص 195.
4- سورة سبأ : الآية 11
5- ابن منظور: لسان العرب ، ص 195.
6- عبد الله إبراهيم : التلقي والسياقات الثقافية ، دار الكتاب الجديد المتحدة ، بيروت ، لبنان ، 2000، ص 45
7- مصطفى صادق الرافعي : تاريخ آداب العرب ، دار الكتاب العربي ، بيروت، لبنان ، 1974 ، ج2 ، ( ط2) ، ص297
8- روبرت دي بوجراند ، ص 415/ 416
9- المرجع نفسه ، ص
10-محمد يحياتن : نظريات المحاجة، مجلة اللغة والأدب، جامعة الجزائر، العدد 11، 1997، ص 280.
11- روبرت دي بوجراند ، المرجع السابق ، 416.
الأستاذ : صالح غيلوس
جامعة محمد بوضياف المسيلة
أنماط النصوص :
1- النص الو صفي : الوصف نشاط عرفاني لغوي والوصف أسلوب إنشائي يتناول ذكر الأشياء في مظهرها الحسي الخارجي ، ومهمته ذات صفة تزيينية، تقوم بتبيان مظهر الأشياء جميلا كان أو بشع قبيح دون تغيير أو تزييف فتظهر الأشياء من حيث لونها ومن حيث أبعادها الهندسية، ووجودها في الواقع وله أنواع نذكر منها: ( الوصف التصويري ، يستخدم كزينة في السرد ) ، ( الوصف اللغوي يتمثل في استخدام اللغة في التلوين والتزين ) ، ( الوصف العضوي يصور التفاعل داخل النص الأشخاص و المكان ) ، ( الوصف التصنيفي يجسد حيثيات الشيء ) ،و للوصف وظيفة جمالية تزيينية ، فهو يوقف تدفق الأحداث ليمنح المؤلف فرصة لتأمل مظاهر الأشياء ووصف أبعادها وهيأتها، مما يشكل نوعاً من الراحة لديه . وقد يفعل بتأثير الأبعاد المكانية والتضاريسية. أو بإيحاء من جزء من أجزاء العمل الأدبي لكون السرد مرتبطاً بحركة الأحداث والوصف يوقف حركتها.
والكاتب يفرع في الصورة للتكلم عن جزئياتها. وهنا" نجد مراكز الضبط في عالم النص هي في معظمها تصورات للشيء والمواقف التي يتم إثراء بيئاتها بكثرة الاتجاهات إلى كشف الوصلات مع تكرار وجود أنواع للوصلات مثل ( الحال ) و( الصفة (التخصيص)وسيعكس النص السطحي كثافة تلك التكافلات ". 1
الوصف في الجانب البيداغوجي هو أن تمنح للمتعلم إمكانية تَمثُّل موضوع ما ، جماد / إنسان / مكان ،ويتيح له رؤية خصائص شخص أو شيء أو مكان ، .كما يمكن أن يرسم صورة متموضعة داخل مكان مـا ( فضاء ما ) .ويساهم الوصف في منح المكان والأشياء أبعادهما الخارجية التي يريد الكاتب بيانها بوضوح، فيعطي للمكان أبعاده الجمالية والنفسية والفكرية، لأن المكان كيان موجود لا يقبل الانهيار ، حيث يقوم الوصف ببناء أركانه، فذكرك صورة لدار أو شارع يثير في نفس المتلقي إحساس بالاشتياق أو بالحزن ، ومهمة الوصف إظهار الأبعاد والألوان والمسافات أو العدد .
يساعد الوصف في بيان الأبعاد النفسية والاجتماعية والجمالية للأمكنة والأشياء، وهدف الواصف التحكّم في التفريع كأن يفرّع الكاتب أشياء ويسكت عن أخرى لعدم فائدتها أو لأهميتها.
أ - التّخصيص : وهو" قرينة معنوية تضم مجموعة من المعاني التي تفيد الإسناد ومن أمثلة هذه القرينة منها التعدية والغائية والظرفية " 2 ، نحو قولك :( كلَّم زيدٌ عليا ) فوقوع الكلام على عليّ تخصيص لعلاقة الإسناد .
ب- النسبة : قرينة تجعل علاقة الإسناد نسبية ويدخل في النسبة معنى الإضافة وحروف الجر وعليه فإن النسبة إلحاق ، فيستعمل الكاتب مصطلحات الوصف : أسماء الفاعلية / أسماء المفعولية/ أفعل التفضيل/ صيغ المبالغة/ الصيغ المشبّهة/النسبة وذلك في باب الصّرف .أما في باب النحو فيجب أن يحسن توظيف النعت والحال والخبر... والقرائن اللغوية التي يراها ضرورية .
والمستوى الثاني في الوصف أن يكون له بعض الزاد من البلاغة دون إعطاء الأهمية لقواعدها والغوص فيها ،وذلك باستعمال التشبيه وبعض الاستعارات والإيجاز والإطناب ، كما يتطلب منه الحيازة على مستوى معيّن من المعجم الفصيح .
يمتزج الوصف أحيانا بأنماط نصوص مختلفة ، وفي مقدمتها النص السردي ويمكن أن يوجد الوصف في النصوص الأدبية وغير الأدبية
2- النّص السّردي :
السرد في لسان العرب تقدمة شيء إلى شيء تأتي به متّسقاً بعضه في إثر بعض، وسَردَ الحديثَ: إذا تابعه وكان جيد السياق له.. والسّرد: الخرز في الأديم. وقيل سردها: نسجها. وهو تداخل الحلق بعضها في بعض. وسرد خفّ البعير سرداً: خصفه بالقدر.3 و في قوله تعالى: ﴿ وَقَدّرْ فِى ٱلسَّرْدِ ﴾ 4، لا تدق المسمار فيقلق في الحلقة، ولا تغلظه فيفصمها واجعله بقدر ، قيل: أن لا يجعل المسمار غليظا والثقب دقيقاً فيفصم الحلق ولا يجعل المسمار دقيقاً والثقب واسعاً فيتقلقل أو ينخلع، أو ينقصف، اجعله على القصد وقَدْرِ الحاجة 5 .
السردية فرع من أصل كبير هو الشعرية التي تعنى باستنباط القوانين الداخلية للأجناس الأدبية وهي تبحث في مكونات البنية السردية من راو ومروي ومروي له.
والسردية اللسانية تعنى بالمظاهر اللغوية للخطاب وما ينطوي عليه من علاقات تربط الراوي بالمروي والسرد وسيلة لإنتاج الأفعال السردية وهو نوع من وسائل التعبير ، والمروي هو محتوى ذلك التعبير ، أما المروي له هو الشخص الذي يوجه إليه الراوي خطابه . ونجد السرود الخيالية في الحكاية والملحمة والرواية ،أين يكون الراوي كائنا متخيلا شأنه في ذلك شأن المروي له وقد تم التوصل إلى تحديد " ثلاث مستويات للإرسال والتلقي . المستوى الأول يحيل إلى مؤلف حقيقي ويقابله قارئ حقيقي ، والمستوى الثاني يعود إلى قارئ ضمني يقابله قارئ ضمني ، والمستوي الثالث يعود على راوٍ يقابله مروي له ، وأن النص السردي يعود إلى المستوى الأول الذي يمثله مؤلف حقيقي وقارئ حقيقي ".6
وعليه فالنص السردي يقوم على تتالي الأحداث ويتميز بالمسار القصصي والمقصود به التّحول الذي يحدث من البداية إلى النهاية .
بحيث يبرز المقطع السّردي من خلال وحدات النص وهذه الوحدات أو المقاطع تقوم على أزواج ؛ أي على أحداث متجاوبة إذا السرد مظهر تعبيري ، يُفعِّل الكلمة. ويسخر الجملة من أجل تواصل تبليغي على صعيد الشفهية والكتابية ، في حين نجد الرافعي ينظر إلى السرد على أنه: "متابعة الكلام على الولاء والاستعجال به وقد يراد به أيضاً جودة سياق الحديث، وكأنه من الأضداد "7.
ونميز في النص السردي بين مستويين هما: (الحكاية و النص ) ، فالنص يتم حكيه ، والسرد هو الطريقة التي بها حكي هذا النص أو الحكاية أو التخيل انطلاقا من بداية النص ( الوضع الأولي ) . لا يخلو أي نص من القرائن الزمانية والمكانية .
أما الإيقاع السردي فهو المدة التي يستغرقها السرد بالنظر إلى الحكاية والأفعال الدالة على المناخ العام الذي حصلت فيه الوقائع و طبيعة الديكور والأسلوب و مستويات اللغة، التركيب، التصوير .
3- النص القصصي : القصة جنس أدبي مبني على الشخصيات ونمو الأحداث . والنص القصصي متحرك لأنه يعتمد على سرد جمالي للأحداث، يُنتج وحدات أو خلايا سردية تكوينية تتواصل فيما بينها في سياقات وعلاقات متنوعة من أجل بناء النص القصصي وهذا التنوع هو أحد أسباب تنوع قوالب القصة " ومراكز الضبط في عالم النص في أغلبها تصورات الحدث والعمل والتي تنتظم في توجه مرتب للوصلات وسيتكرر ورود أنواع من الوصلة مثل : العلة و السبب و التمكين و الغرض والمقاربة الزمانية و سيعكس النص السطحي كثافة مماثلة للتكافلات التفريعية ". 8 ، وترتيب السرد بالنظر إلى القصة ، يمكن أن يتخذ أشكالا قد يكون بعديا بحيث يحكي السارد في نصه الوقائع التي حدثت في الأزمان الغابرة مثل : قصص الأنبياء ( سورة يوسف ويونس ومريم ...) أو متزامنا كأن يقص السارد وقائع في وقت حصولها يعايش الوقائع ونجد ذلك جليا في القصص التي تنشر في الجرائد أوتسرد في المحاكم ، بحيث تكون مادة القصة جديدة لم يمر عليها إلا وقت يسير. وإما أن يكون قبليا حيث يقص لنا القاص الأحداث التي ستحصل في المستقبل أي الاستشراف ونجد هذا شائعا في النصوص المسرحية وكذا العروض .
الإيقاع السردي في النص يتحكم فيه القاص فنجده يتوقف عن القص ليشرح أو ليصف( شخصا أو فضاء...). وقد يلخص أو يكثف في بضعة سطور مدة زمنية طويلة أو يبطئ ، أو يتوقف القاص مدة زمنية قصيرة أو يحذف كأن يقفز على فترة من الزمن و يكشف التبئير وضع القاص و مستوى إدراكه للعالم المحكي عنه أو العالم الموصوف ، أما التبئير الداخلي حيث نجد السرد منحصرا في حدود وجهة نظر شخص من شخوص المحكي والتبئير الخارجي السارد فيه شاهدا جاهلا بحقيقة المحكي الذي يصفه ، كانت طفلة صغيرة اسمها فاطمة ، تسكن الجبال العالية ، وتلعب بالثلج وكانت تحضر عطرها من شذى الأزهار ، وتشرب الماء الصافي من المرتفعات العالية .....كانت تكبر ويكبر معها الإيمان بتخليص شعبها من حياته القاسية وهاهي ترفع راية المقاومة .......صارمة تقبل وتدبر وتلحق الهزيمة تلو الهزيمة بالمحتلين .
إنها امرأة من الجزائر تصارع جيش فرنسا لالة فاطمة عروس الجبال بنت الجزائر زرعت في كل قمة للسلم أزهارا وللإسلام انتصارا..
4- النص الشارح أو التفسيري explicatif : يستعمل في حالات متعددة في المجلات والكتب العلمية ، كتب التاريخ ، الكتب المدرسية ، الموسوعات، يقدم معلومات غير معروفة من لدن القارئ ويقوم بتوسيعها ثم عرض أسبابها و نتائجها, تبعا للخطاطة التالية:
واقعة- لماذا ؟ - كيف ؟ - الأسباب - الشرح - التفسير – الخلاصة.
يهدف إلى تقديم معلومات حول موضوع بعينه ويكون على صورة إجابة عن سؤال أو أسئلة، وهو بخلاف النص الوثائقي/ الإخباري ، ولا يكتفي بتقديم خبر بل يحدد أسباب الوقائع ونتائجها ويحدد المعلومة أو المصادر التي استقيت منها، وأوجه النظر المعتمدة في تقديمها،و الفائدة المرجوة منها ، ويعتمد النص التفسير حيث يقدم المعلومات وفق ترتيب منطقي أو بيداغوجي، هويعلِّم أكثر من كونه يخبر.
ومن هذا المنظور يكون وجود النص التفسيري في القواميس والموسوعات و يمكن للنص التفسيري أن يعتمد إلى جانب الكلام على الصورة التي تمتلك قدرات تفسيرية هامة.
5- النص الحجاجي argumentatif: الحجاج متصل بتحديد طبيعة الكلام في وظيفته التساؤلية le
questionnement، ذلك أن المساءلة من حيث هي عملية فكرية مؤسسة على سؤال وجواب تستدعي نقاشاً يولد حجاجاً، ويبدو أن المحاججة موجودة بالقوة في التداول اللغوي ، لا يخلو خطاب منها سواء كان شفوياً أم كتابياً وربما قدّم الحجاج على مظهرين لغويين أحدهما مصرح به وهو السؤال، وثانيهما ضمني تعبر عنه الإمكانات المقترحة كإجابات قابلة للاستبدال فيما بينها . 9
وتأخذ هذه الإجابات شكلاً تعبيرياً مميزاً له وقعه وأثره البلاغي على السامع فقد ترد الإجابة في شكل صورة مجازية لها وقعها على المتلقي .
الحجاج يسعى بوساطته إقناع شخص ما باعتناق فكرة معينة ويتم ذلك باستعمال الحجج والأدلة بحسب الشخص المراد إقناعه وبإمكان النص الواحد أن يتحول إلى أنماط نصية مختلفة ، فالنص السردي يحتوي غالبا على مقاطع وصفية تفسيرية وأحيانا حجاجية ، عندما يكون الهدف من التأليف أو الكتابة هو البرهنة على صحة أو شرعية فكرة أو إقامة الدليل لإثبات سلامة الموقف. وتتكرر فيه أنواع من الوصلات مثل : القيم ، الأداة ، الإرادة ، السبب وكل نص حجاجي يدافع عن موقف في تعارض ، بشكل ضمني أو صريح ، مع أولئك الذين يفكرون بشكل مغاير أو ضدي ، ويتم ذلك بإثبات صحة الأحكام ووجهات النظر بالأدلة المناسبة بـ:التعليل- الاستشهاد- الدقة –الموضوعية.
وظائفــه : للحجاج وظيفتين أساسيتين يقوم عليهما :
أ- وظـيفة إقناعية : وفيه يبحث المؤلف عن إقناع الخصوم وجعلهم في الأخير يتبنون نفس وجهة النظر أو الرأي أو الفكرة .
ب- وظيفة جدلية : حين يكون الهدف من عرض الحجج والبراهين هو تحجيم رأي الخصوم ومواقف الذين لا يتفقون معه، يوجه للخصوم لأجل إسكاتهم وتفحيمهم وذلك بتحجيم آرائهم حتى يظنون أنهم أقل شأنا .
وتستعمل في ذلك المصطلحات والمفاهيم التي تكون إما إيجابية في الدفاع عن الأفكار الخاصة أو سلبية عند عرض حجج الخصوم والمحاججة موجودة في كل مكان، في الحوارات اليومية ومرافعات المحامين وخطب الساسة ودروس المعلمين ومناقشة الرسائل العلمية بشتى أشكالها.
الهوامش :
1- روبرت دي بوجراند : النص والخطاب والإجراء ، ترجمة تمام حسان، عالم الكتاب ، القاهرة ، 1998 ، (ط1)، ص 415.
2- أحمد قدور : مبادئ اللسانيات ، دار الفكر المعاصر بيروت ، لبنان ، 1999 ، ط(2) ، ص 229
3- ابن منظور: لسان العرب ، مادة (سرد) ، ج4 ، ص 195.
4- سورة سبأ : الآية 11
5- ابن منظور: لسان العرب ، ص 195.
6- عبد الله إبراهيم : التلقي والسياقات الثقافية ، دار الكتاب الجديد المتحدة ، بيروت ، لبنان ، 2000، ص 45
7- مصطفى صادق الرافعي : تاريخ آداب العرب ، دار الكتاب العربي ، بيروت، لبنان ، 1974 ، ج2 ، ( ط2) ، ص297
8- روبرت دي بوجراند ، ص 415/ 416
9- المرجع نفسه ، ص
10-محمد يحياتن : نظريات المحاجة، مجلة اللغة والأدب، جامعة الجزائر، العدد 11، 1997، ص 280.
11- روبرت دي بوجراند ، المرجع السابق ، 416.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق